كُلُّ وَكُلَّمَا وَمَتَى وَمَتَى مَا) لِأَنَّ الشَّرْطَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَلَامَةِ، وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ مِمَّا تَلِيهَا أَفْعَالٌ فَتَكُونُ عَلَامَاتٍ عَلَى الْحِنْثِ، ثُمَّ كَلِمَةُ إنْ حَرْفٌ لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْوَقْتِ وَمَا وَرَاءَهَا مُلْحَقٌ بِهَا، وَكَلِمَةُ كُلٍّ لَيْسَتْ شَرْطًا حَقِيقَةً لِأَنَّ مَا يَلِيهَا اسْمٌ وَالشَّرْطُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْجَزَاءُ وَالْأَجْزِيَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ إلَّا أَنَّهُ أُلْحِقَ بِالشَّرْطِ لِتَعَلُّقِ الْفِعْلِ بِالِاسْمِ
وَقِيلَ يُجْزَمُ بِهَا إذَا زِيدَ بَعْدَهَا مَا، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إنَّمَا يُجْزَمُ بِإِذَا فِي الشِّعْرِ وَكَذَا بِلَوْ، قَالَ لَوْ يَشَأْ طَارَ بِهِ ذُو مَيْعَةٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَلَامَةِ) يَعْنِي مِنْ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْعَلَامَةِ وَهُوَ الشَّرَطُ بِالتَّحْرِيكِ، قَالَ تَعَالَى ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾ أَيْ عَلَامَاتُهَا، وَهَذَا لِأَنَّ الِاشْتِقَاقَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَادَّةِ وَلَا مُشَارَكَةَ بَيْنَ لَفْظِ عَلَامَةٍ وَشَرْطٍ (قَوْلُهُ فَتَكُونُ عَلَامَاتٍ) أَيْ يَكُونُ وُجُودُ الْأَفْعَالِ عَلَامَاتٍ عَلَى الْحِنْثِ وَالْحِنْثُ هُوَ وُقُوعُ الْجَزَاءِ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى أَلْفَاظِ الشَّرْطِ عَلَامَاتُ وُجُودِ الْجَزَاءِ: أَيْ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ بِالذَّاتِ، وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ وَلَفْظِ لَوْ أَيْضًا كَذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الْمُفَادُ بِهَا امْتِنَاعَ فِعْلِ الشَّرْطِ الْمُسْتَلْزِمِ لِامْتِنَاعِ الْجَوَابِ، نَحْوُ لَوْ جَاءَ زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُك فَيُعْرَفُ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ إذَا وُجِدَ اسْتَلْزَمَ وُجُودَ الْجَوَابِ، لِأَنَّ اللَّازِمَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْمَلْزُومِ، وَعَلَى هَذَا فَجَمِيعُ الْأَدَوَاتِ تُفِيدُ الْوُجُودَ لِلْوُجُودِ إلَّا أَنَّ لَمَّا كَانَتْ أَدْخَلَ حَيْثُ وُضِعَتْ لِإِفَادَةِ أَنَّ الشَّرْطَ قَدْ وُجِدَ وَفُرِغَ مِنْهُ خُصَّتْ بِقَوْلِنَا حَرْفُ وُجُودٍ لِوُجُودٍ، وَلَوْ وُضِعَتْ لِإِفَادَةِ امْتِنَاعِ الْمَلْزُومِ وَدَلَّتْ عَلَى الْوُجُودِ لِلْوُجُودِ بِالِالْتِزَامِ فَخُصَّتْ بِحَرْفِ امْتِنَاعٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ يُنَافِيهِ: أَعْنِي التَّعْلِيقَ عَلَى مَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ لِأَنَّهَا أَفَادَتْ تَحَقُّقَ عَدَمِهِ فَلَا يَحْصُلُ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَلِعَدَمِ حُصُولِهِ لَمْ تُذْكَرْ لَمَّا، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَالَ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ تَعَلَّقَ الطَّلَاقُ كَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ.
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ لَكِنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيَّ وَلَا الْمَشْهُورَ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَتَعَلَّقُ. وَفِي الْحَاوِي فِي فُرُوعِنَا: لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ تَزَوَّجْتُك تَطْلُقُ إذَا تَزَوَّجَهَا، وَقَدْ وَرَدَ فِي قَوْلِنَا ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً﴾ الْآيَةُ. فَذَهَبَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إلَى تَجْوِيزِهِ، وَأَكْثَرُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّهَا لَيْسَتْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ فِي الْمَاضِي. وَأَجَابُوا عَنْ الْآيَةِ بِمَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَكَذَا لِعَدَمِ حُصُولِ مَعْنَى الْيَمِينِ فِي التَّعْلِيقِ بِلَمَّا لَمْ يَذْكُرْهَا وَذَكَرَ كُلًّا وَلَيْسَتْ شَرْطًا لِثُبُوتِ مَعْنَى الشَّرْطِ مَعَهَا وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْوَاقِعُ صِفَةَ الِاسْمِ الَّذِي أُضِيفَتْ إلَيْهِ.
[فُرُوعٌ].
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا دُخُولُك أَوْ لَوْلَا أَبُوك أَوْ لَوْلَا مَهْرُك لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا فِي الْإِخْبَارِ بِأَنْ قَالَ: طَلَّقْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute