الَّذِي يَلِيهَا مِثْلُ قَوْلِك كُلُّ عَبْدٍ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ. قَالَ ﵁:
بِالْأَمْسِ لَوْلَا كَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْضِعَ وُجُوبِ الْفَاءِ لَا يَتَحَقَّقُ التَّعْلِيقُ إلَّا بِهَا إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيَتَعَلَّقَ بِدُونِهَا عَلَى خِلَافِ فِي أَنَّهُ حِينَئِذٍ هُوَ الْجَوَابُ أَوْ يُضْمَرُ الْجَوَابُ بَعْدَهُ وَالْمُتَقَدِّمُ دَلِيلُهُ. وَأَمَّا الْفَقِيهُ فَنَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَلَا عَلَيْهِ مِنْ اعْتِبَارِهِ الْجَوَابَ. فَإِذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ لِلْحَالِ، فَإِنْ نَوَى تَعْلِيقَهُ دِينَ، وَكَذَا إنْ نَوَى تَقْدِيمَهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُتَنَجَّزُ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الْفَائِدَةِ فَتُضْمَرُ الْفَاءُ كَمَا فِي قَوْلِهِ مَنْ يَفْعَلْ الْحَسَنَاتِ اللَّهُ يَشْكُرُهَا وَدُفِعَ بِمَا إذَا أَجَابَ بِالْوَاوِ فَإِنَّهُ يُتَنَجَّزُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَعْلِيقُهُ حَتَّى لَوْ نَوَاهُ دِينَ. وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَة. قَالَ فِي الدِّرَايَةِ: وَلَوْ نَوَى تَقْدِيمَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قِيلَ: يَصِحُّ وَتُحْمَلُ الْوَاوُ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ وَاوَ الِابْتِدَاءِ لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي أَوَّلِ كَلَامٍ وَمَوَاضِعُ الْفَاءِ جُمِعَتْ مَفَارِيدَ فِي بَيْتٍ هُوَ هَذَا:
طَلَبِيَّةٌ وَاسْمِيَّةٌ وَبِجَامِدٍ … وَبِمَا وَلَنْ وَبِقَدْ وَبِالتَّنْفِيسِ
وَأَحْبَبْت ذِكْرَ بَعْضِ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَإِيضَاحَهُ لِيُفْهَمَ فَنَظَمْتُهَا فِي ثَلَاثَةِ أَبْيَاتٍ وَهِيَ هَذِهِ:
تَعْلَمُ جَوَابَ الشَّرْطِ حَتْمَ قِرَانِهِ … بِفَاءٍ إذَا مَا فِعْلُهُ طَلَبًا أَتَى
كَذَا جَامِدًا أَوْ مُقْسَمًا كَانَ أَوْ بِقَدْ … وَرُبَّ وَسِينٍ أَوْ بِسَوْفَ ادْرِ يَا فَتَى
أَوْ اسْمِيَّةً أَوْ كَانَ مَنْفِيَّ مَا وَإِنْ … وَلَنْ مَنْ يَحُدْ عَمَّا حَدَدْنَاهُ قَدْ عَتَا
وَلَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ وَأَدْخَلَ الْفَاءَ فِي الشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ دَخَلَتْ لَا رِوَايَةَ فِيهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَتَنَجَّزُ لِأَنَّ الْفَاءَ فَاصِلَةٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: يَتَعَلَّقُ لِأَنَّ الْفَاءَ حَرْفُ تَعْلِيقٍ. وَقِيَاسُ الْمَذْكُورِ فِي حَذْفِ الْفَاءِ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِهَا، وَذِكْرُ الْوَاوِ مَعَ الْجَوَابِ أَنْ يَكُونَ التَّنْجِيزُ مُوجِبَ اللَّفْظِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّعْلِيقَ لِاتِّحَادِ الْجَامِعِ وَهُوَ عَدَمُ كَوْنِ التَّعْلِيقِ إذْ ذَاكَ مَدْلُولَ اللَّفْظِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَالْفَاءُ وَإِنْ كَانَ حَرْفَ تَعْلِيقٍ لَكِنْ لَا يُوجِبُهُ إلَّا فِي مَحِلِّهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ هُنَا.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَنَجَّزَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا لِأَنَّ ذِكْرَهُ بَيَانٌ لِإِرَادَتِهِ التَّعْلِيقَ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ دَخَلَتْ تَنَجَّزَ لِعَدَمِ التَّعْلِيقِ وَالصِّفَةُ الْمُعْتَبَرَةُ كَالشَّرْطِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ مِثْلُ الْمَرْأَةُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ، أَمَّا فِي الْمُعَيَّنَةِ فَلَغْوٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ.
وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ دَخَلْت بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَقَعَ فِي الْحَالِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِأَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ، وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعِلَّةِ. وَقَدْ نَاظَرَ مُحَمَّدٌ الْكِسَائِيَّ فِي ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ الرَّشِيدِ فَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنَّهَا بِمَعْنَى إذَا اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا﴾ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾ ﴿أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوْلَى إذْ لَا أَصْلَ لِجَعْلِهَا كَإِذَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ فِي الْآيَتَيْنِ مَا ذُكِرَ بَلْ التَّعْلِيلُ هُوَ الْمَعْنَى الظَّاهِرُ فِيهِمَا. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلُقَتْ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي مِثْلِهِ عَاطِفَةٌ عَلَى شَرْطٍ هُوَ نَقِيضُ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، تَقْدِيرُهُ إنْ لَمْ تَدْخُلِي وَإِنْ دَخَلْت، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute