للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ إرْثِهَا عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ لِأَنَّهُ لَا إمْكَانَ، وَالزَّوْجِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِإِرْثِهِ عَنْهَا فَتَبْطُلُ فِي حَقِّهِ خُصُوصًا إذَا رَضِيَ بِهِ.

(وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا أَوْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ

اقْتَضَى الدَّلِيلُ تَوْرِيثَ الشَّرْعِ إيَّاهَا لَزِمَ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ بَقَاءُ النِّكَاحِ حَالَ الْمَوْتِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَقَاءَهُ إمَّا بِالْحُكْمِ بِقِيَامِهِ حَقِيقَةً أَوْ بِقِيَامِ آثَارِهِ مِنْ مَنْعِ الْخُرُوجِ وَالتَّزَوُّجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيَامُ هَذِهِ الْآثَارِ لَيْسَ إلَّا بِقِيَامِ الْعِدَّةِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ تَوْرِيثِهَا بِمَوْتِهِ فِي عَدَمِهَا، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُعَيِّنْ لِقِيَاسِهِ أَصْلًا فِي الْإِلْحَاقِ، بَلْ قَالَ: قَصَدَ إبْطَالَ حَقِّهَا فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَمِثْلُهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ أَمْوَالٌ شَتَّى يُمْكِنُ الْإِلْحَاقُ بِكُلٍّ مِنْهَا، وَلَيْسَ يُعْرَفُ لِرَدِّ الْقَصْدِ أَصْلٌ سِوَى قَاتِلِ الْمُوَرِّثِ.

وَيُمْكِنُ أَنَّهُ اعْتَبَرَ أُصُولَهُ كُلَّ مَنْ أَلْزَمْ ضَرَرًا بِطَرِيقٍ غَيْرِ مُبَاحٍ فَإِنَّهُ يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ الزَّوْجِيَّةُ سَبَبُ إرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ غَيْرُ جَيِّدٍ لِأَنَّهَا سَبَبُ إرْثِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَرَضٍ أَوْ فَجْأَةٍ.

وَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ: الزَّوْجِيَّةُ سَبَبُ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالزَّوْجُ قَصَدَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الِانْقِضَاءِ) أَيْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ لَا إمْكَانَ لِلتَّوْرِيثِ إذَا لَمْ يُعْهَدُ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَهَا.

عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَارِّ تَرِثُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَبِهِ يُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ: أَيْ مَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قُدْرَةِ التَّزَوُّجِ وَهُوَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ: أَيْ مَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجِيَّةُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَلِهَذَا لَا يَرِثُهَا: أَيْ الزَّوْجِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ: أَيْ حَالَةَ مَرَضِهِ لَيْسَتْ سَبَبًا لِإِرْثِهِ عَنْهَا بَلْ فِي حَالِ مَرَضِهَا.

وَنَقُولُ: لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَرِيضَةَ فَأَبَانَتْ نَفْسَهَا بِأَنْ ارْتَدَّتْ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ حُكْمُ الْفِرَارِ فِي حَقِّهَا فَيَرِثُهَا الزَّوْجُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ صَحِيحَةً لِأَنَّهَا بَانَتْ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مُشْرِفَةً عَلَى الْهَلَاكِ وَلَا هِيَ بِالرِّدَّةِ مُشْرِفَةٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ فِي حَقِّهِ) بِرَفْعِ اللَّامِ فَتَبْطُلُ الزَّوْجِيَّةُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَلَا يَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ حَيْثُ تَرِثُهُ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ وَإِنْ بَطَلَتْ بِالْبَائِنِ حَقِيقَةً لَكِنَّهَا جُعِلَتْ بَاقِيَةً فِي حَقِّهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ إبْطَالَ حَقِّهَا، وَضَبْطُهُ بِنَصَبِ اللَّامِ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ النَّفْيِ سَهْوٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْعَكِسُ الْغَرَضُ، إذْ يَكُونُ مَعْنَاهُ لَوْ كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ سَبَبًا لِإِرْثِهِ مِنْهَا لَبَطَلَتْ، وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ فَلَا تَبْطُلُ، وَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ فَيَجِبُ أَنْ يَرِثَهَا وَلَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ

(قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا) لَيْسَ قَيْدًا، بَلْ الْمَقْصُودُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَائِنًا بِأَمْرِهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>