للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا لَا يَرِثُهَا إذَا مَاتَتْ. وَلَنَا أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ سَبَبُ إرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالزَّوْجُ قَصَدَ إبْطَالَهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى زَمَانِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا، وَقَدْ أَمْكَنَ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ يَبْقَى فِي حَقِّ بَعْضِ الْآثَارِ فَجَازَ أَنْ يَبْقَى

وَشُرَيْحٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَطَاوُسٍ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالْحَرْثِ الْعُكْلِيِّ.

لَنَا الْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ.

أَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ عُثْمَانَ وَرَّثَ تَمَاضُرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ بْنِ زِيَادٍ الْكَلْبِيَّةَ، وَقِيلَ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ السُّلَمِيَّةُ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَمَّا بَتَّ طَلَاقَهَا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَكَانَ إجْمَاعًا، وَقَالَ: مَا اتَّهَمْته وَلَكِنْ أَرَدْت السُّنَّةَ.

وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَلْيَقُ مِمَّا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ وَرَّثَهَا فَرَّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَا فَرَرْت مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.

وَقَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِلَافَتِهِ: لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أُوَرِّثْهَا، أَرَادَ بِهِ لِعَدَمِ عِلْمِي إذْ ذَاكَ بِأَنَّ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ فِي حَقِّهَا ذَلِكَ، وَهُوَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فِيهِ فَلَا يُقْدَحُ فِيهِ.

لَا يُقَالُ: بَلْ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ لَمْ يَكُنْ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ كَانَ سُكُوتِيًّا، وَحِينَ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ سُكُوتَهُ لَمْ يَكُنْ وِفَاقًا.

لِأَنَّا نَقُولُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ إذْ ذَاكَ فَقِيهًا لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ الْفُقَهَاءِ إذْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَتْوَى وَلَا شُهْرَةٌ بِفِقْهٍ، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ يَتْبَعُ ظُهُورَ ذَلِكَ فَخِلَافُهُ كَخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعَوْلِ.

وَقَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ: كَانَ قَضَاءُ عُثْمَانَ بَعْدَ الْعِدَّةِ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ كَانَ فِيهَا.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَعَلَى مَا لَوْ وَهَبَ كُلَّ مَالِهِ أَوْ تَبَرَّعَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِجَامِعِ إبْطَالِ حَقٍّ بَعْدَ تَعَلُّقِهِ بِمَالِهِ فِيهِ، وَهَذَا لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ بِالْمَرَضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمَوْتِ، وَلِذَا حُجِرَ عَنْ التَّبَرُّعَاتِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالزَّوْجَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ فَقَدْ تَمَّ الْقِيَاسُ بَعْدَ الْإِجْمَاعِ، وَهَذَا الْقِيَاسُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ظُهُورِ قَصْدِ الْإِبْطَالِ بَلْ هُوَ دَائِرٌ مَعَ ثُبُوتِ الْإِبْطَالِ سَوَاءً قَصَدَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ وَلَمْ يَخْطِرْ لَهُ.

وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ فَهُوَ قِيَاسُهُ عَلَى قَاتِلِ الْمُوَرِّثِ.

وَصُورَتُهُ: هَكَذَا قَصَدَ إبْطَالَ حَقِّهَا بَعْدَ تَعَلُّقِهِ فَيَثْبُتُ نَقِيضُ مَقْصُودِهِ كَقَاتِلِ الْمُوَرِّثِ بِجَامِعِ كَوْنِهِ فَعَلَهُ مُحَرَّمًا لِغَرَضٍ فَاسِدٍ فَالْحُكْمُ ثُبُوتُ نَقِيضِ مَقْصُودِهِ، وَلِذَا اخْتَلَفَ خُصُوصُ الثَّابِتِ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَنْعُ الْمِيرَاثِ وَفِي الْفَرْعِ ثُبُوتُ الْمِيرَاثِ.

وَهَذَا التَّعْلِيلُ فِي طَرِيقِ الْآمِدِيِّ بِمُنَاسِبِ غَرِيبٌ إذْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ أَصْلُ بِالِاعْتِبَارِ، بَلْ الثَّابِتُ مُجَرَّدُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ مَعَهُ فِي الْمَحِلِّ: أَعْنِي الْقَاتِلَ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَقَدْ ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِالْإِجْمَاعِ الْمَذْكُورِ، وَكَانَ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ تَرِثَ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ تَزَوُّجِهَا كَقَوْلِ مَالِكٍ، إلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا رَأَوْا أَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ الْإِمْكَانُ وَهُوَ بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ بِالْمِيرَاثِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَالْعِتْقُ، فَحَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>