للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا

(وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كُنْت طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فِي صِحَّتِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُك فَصَدَّقَتْهُ، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ . وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَوَصِيَّتُهُ. وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ بِأَمْرِهَا ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْمِيرَاثِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا) إلَّا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ فَإِنَّ لَهَا جَمِيعَ مَا أَوْصَى وَمَا أَقَرَّ بِهِ، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَمَّا بَطَلَ بِسُؤَالِهَا زَالَ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُمَا لَمَّا تَصَادَقَا عَلَى الطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ حَتَّى جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا فَانْعَدَمَتْ التُّهْمَةُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهَا وَيَجُوزُ وَضْعُ الزَّكَاةِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ وَهِيَ سَبَبُ التُّهْمَةِ، وَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِ التُّهْمَةِ وَلِهَذَا يُدَارُ عَلَى النِّكَاحِ وَالْقَرَابَةِ، وَلَا عِدَّةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى

لَحِقَهَا وَهِيَ قَدْ رَضِيَتْ بِإِبْطَالِهِ، وَلِذَا لَوْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ لَمْ تَرِثْ لِرِضَاهَا بِالْمُبْطِلِ وَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرَّةً، لِأَنَّ سَبَبَ الِاضْطِرَارِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَلَمْ يَكُنْ جَانِيًا فِي الْفُرْقَةِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَأَجَازَ الزَّوْجُ فِي مَرَضِهِ حَيْثُ تَرِثُ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْإِرْثِ إجَازَتُهُ، وَلَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِتَمْكِينِ ابْنِ الزَّوْجِ لَا تَرِثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَقَرَّبَهَا مُكْرَهَةً لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْأَبُ كَالْمُبَاشِرِ.

وَلَوْ وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَرِثَهَا الزَّوْجُ لِكَوْنِهَا فَارَّةً.

وَفِي الْجَامِعِ: لَوْ فَارَقَتْهُ فِي مَرَضِهَا بِخِيَارِ الْعِتْقِ أَوْ الْبُلُوغِ وَرِثَهَا لِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ طَلَاقًا.

وَفِي الْيَنَابِيعِ جَعَلَ هَذَا قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَفِي الْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةُ وَاللِّعَانِ لَا يَرِثُهَا لِأَنَّهَا طَلَاقٌ فَكَانَتْ مُضَافَةً إلَيْهِ.

وَأَوْرَدَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرِثَهَا أَصْلًا لِأَنَّا جَعَلْنَا قِيَامَ الْعِدَّةِ كَقِيَامِ النِّكَاحِ فِي حَقِّهَا وَلَا عِدَّةَ هُنَا عِنْدَ مَوْتِهَا فَلَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ كَبُعْدِ الْعِدَّةِ.

أُجِيبُ لَمَّا صَارَتْ مَحْجُورَةً عَنْ إبْطَالِ حَقِّهِ أَبْقَيْنَا النِّكَاحَ فِي حَقِّ الْإِرْثِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ أَوْرَدَا لِقَصْدِهَا إبْطَالَ حَقِّهِ كَمُسْتَعْجِلِ الْإِرْثِ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الِاعْتِبَارَ الَّذِي هُوَ مَبْنَى هَذَا الْجَوَابِ يَسْتَلْزِمُ تَوْرِيثَ امْرَأَةِ الْفَارِّ إذَا مَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَفِي الْقُنْيَةِ: أَكْرَهُ عَلَى طَلَاقِهَا الثَّلَاثَ لَا تَرِثُ لِعَدَمِ قَصْدِ الْفِرَارِ، وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ تَرِثُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَهَا كُنْت طَلَّقَتْك،

<<  <  ج: ص:  >  >>