عَنْ الْوِقَاعِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِالتَّعْلِيقِ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ قَالَ (وَالطَّلَاقُ الَّذِي يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ تَرِثُ بِهِ
الْمُلْجِئُ لِلْقَاضِي إلَى الْحُكْمِ وَالْحُكْمُ لَا يَسْتَنِدُ إلَّا إلَى الشَّهَادَةِ وَاللِّعَانُ هُوَ الشَّهَادَةُ الْمُلْجِئَةِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِالتَّعْلِيقِ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ) كَأَنَّهُ قَالَ فِي صِحَّتِهِ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ أَقْرَبِك فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فَمَضَتْ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ فِيهِ لَا تَرِثُ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ بِأَمْرِ سَمَاوِيٍّ وَوُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَا يَكُونُ فَارًّا.
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْإِيلَاءَ فِي الصِّحَّةِ لَيْسَ مِثْلَ التَّعْلِيقِ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ بَلْ نَظِيرُ مَا لَوْ وَكَّلَ فِي صِحَّته بِالطَّلَاقِ وَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي الْمَرَضِ كَانَ فَارًّا لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ عَزْلِهِ، فَإِذَا لَمْ يَعْزِلْهُ كَانَ فَارًّا كَذَا هُنَا هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إبْطَالِ الْإِيلَاءِ فِي الْمَرَضِ بِالْفَيْءِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَارًّا.
أُجِيبُ بِالْفَرْقِ بِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ الْإِيلَاءِ إلَّا بِضَرَرٍ يَلْزَمُهُ، فَإِنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْإِيلَاءُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، بَلْ إذَا كَانَ فِي حَالِ الْعَجْزِ وَاسْتَمَرَّ بِخِلَافِ عَزْلِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بِسُؤَالِهَا أَوْ لَا، أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِفِعْلِهَا أَوْ بِفِعْلِهِ، وَالْفِعْلُ مِمَّا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِهِ إلَّا قِيَامُ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ فِيهِمَا جَمِيعًا.
[فُرُوعٌ]
قَالَ صَحِيحٌ لِمَوْطُوءَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ بَيَّنَ فِي مَرَضِهِ فِي إحْدَاهُمَا صَارَ فَارًّا بِالْبَيَانِ، وَتَرِثُ لِأَنَّهُ بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِيهَا بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، كَمَا لَوْ أَنْشَأَ فَجَعَلَ إنْشَاءً فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِلتُّهْمَةِ.
وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى وَلَمْ تَرِثْ لِأَنَّهُ بَيَانٌ حُكْمِيٌّ فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ بِمَجِيءِ رَأْسِ الشَّهْرِ فَجَاءَ وَهُوَ مَرِيضٌ لَا تَرِثُ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا تَعَيَّنَتْ لِلطَّلَاقِ بِفِعْلِهِ فَتَرِثُ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ فِي صِحَّتِهِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ فِي الْمَرَضِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى غَيْرُ الثِّنْتَيْنِ فَلَهَا نِصْفُ الْإِرْثِ إذْ لَا يُزَاحِمُهَا إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ بِيَقِينٍ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَوْ مَاتَتْ الَّتِي بَيَّنَ طَلَاقَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ تَرِثْ مِنْهُ وَصَحَّ الْبَيَانُ فِيهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْ بَيَانِهِ بِخُرُوجِهَا عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ بِالْمَوْتِ، وَكَانَ الْإِرْثُ لِلْأُخْرَى لِأَنَّ التَّعْيِينَ دُونَ الْإِنْشَاءِ، وَلَوْ أَنْشَأَ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَتْ الْمُطَلَّقَةُ كَانَ جَمِيعُ الْإِرْثِ لِلْأُخْرَى، كَذَا هُنَا.
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ مَاتَتْ الْأُخْرَى وَبَقِيَتْ الَّتِي بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفُ الْإِرْثِ لِأَنَّ الْبَيَانَ إنَّمَا بَطَلَ صِيَانَةً لِحَقِّهَا الثَّابِتِ ظَاهِرًا وَحَقُّهَا الثَّابِتُ ظَاهِرًا وَقْتَ الْبَيَانِ النِّصْفُ فَلَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ وَهَذَا لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ، حَتَّى لَوْ كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى كَانَ لَهَا الرُّبْعُ وَثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ لِلْمَرْأَةِ الْأُخْرَى، لِأَنَّنَا إنَّمَا أَبْطَلْنَا الْبَيَانَ صِيَانَةً لِحَقِّهَا الثَّابِتِ وَقْتَ الْبَيَانِ وَوَقْتَ الْبَيَانِ حَقُّهَا فِي الرُّبْعِ فَكَانَ لِلْمُعَيَّنَةِ الرُّبْعُ، وَلِأَنَّ الْأُخْرَى مَنْكُوحَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَتَسْتَحِقُّ كُلَّ الْإِرْثِ وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَتَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ، فَسَلِمَ النِّصْفُ لِلْأُخْرَى بِلَا مُنَازَعَةٍ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الزَّوْجُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا لِأَقَلِّ مِنْ سَنَتَيْنِ فَهُوَ لَيْسَ بِبَيَانٍ وَبَقِيَ الزَّوْجُ عَلَى خِيَارِهِ لِأَنَّ الْعَلُوقَ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ بِوَطْءٍ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَذَا لَا يَصْلُحُ بَيَانًا فَلَا يَكُونُ بَيَانًا بِالشَّكِّ إذْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ لِاحْتِمَالِ الْعَلُوقِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَإِنْ نَفَى الزَّوْجُ هَذَا الْوَلَدَ أُمِرَ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ قَالَ عَنَيْت عِنْدَ الْإِيقَاعِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ يُلَاعَنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّتِي وَلَدَتْ وَيُقْطَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute