وَالدَّلَالَةُ فِعْلٌ يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ وَهَذِهِ الْأَفَاعِيلُ تَخْتَصُّ بِهِ خُصُوصًا فِي الْحُرَّةِ، بِخِلَافِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ بِدُونِ النِّكَاحِ كَمَا فِي الْقَابِلَةِ وَالطَّبِيبِ وَغَيْرِهِمَا، وَالنَّظَرُ إلَى غَيْرِ الْفَرْجِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَ الْمُسَاكِنَيْنِ وَالزَّوْجُ يُسَاكِنُهَا فِي الْعِدَّةِ، فَلَوْ كَانَ رَجْعَةً لَطَلَّقَهَا فَتَطُولُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا.
قَالَ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الرَّجْعَةِ شَاهِدَيْنِ،
بِالْمِلْكِ كَمَنْ بَاعَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ وَطِئَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى اسْتِدَامَةِ مِلْكِهِ فِيهَا فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ، فَكَمَا أَنَّ سُقُوطَ الْخِيَارِ بِاسْتِدَامَةِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ يَثْبُتُ بِالْفِعْلِ كَذَلِكَ اسْتِدَامَةُ مِلْكِ النِّكَاحِ بَعْدَ سَبَبِ الزَّوَالِ بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ الْبَيْعَ مَعَهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَالطَّلَاقُ يُزِيلُهُ إلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ فَكَانَ أَضْعَفَ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْبَيْعِ.
وَبِقَوْلِنَا قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: الْجِمَاعُ رَجْعَةٌ عِنْدَ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَجَابِرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ: إنْ أَرَادَ بِهِ الرَّجْعَةَ فَهُوَ رَجْعَةٌ (قَوْلُهُ خُصُوصًا فِي الْحُرَّةِ) فَإِنَّهُ لَا سَبَبَ لِحِلِّهَا فِيهَا مُطْلَقًا إلَّا النِّكَاحُ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ فِيهَا بِأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِمَا) كَالْخَاتِنَةِ وَالشَّاهِدِ عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ) أَيْ النَّظَرُ إلَى غَيْرِ الْفَرْجِ رَجْعَةً لَطَلَّقَهَا لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الطَّلَاقُ، وَهَذَا التَّعْمِيمُ يُفِيدُ أَنَّ النَّظَرَ إلَى دُبْرِهَا لَا يَكُونُ رَجْعَةً وَبِهِ صَرَّحَ فِي نِكَاحِ الزِّيَادَاتِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَطْءِ فِي الدُّبْرِ أَشَارَ الْقُدُورِيُّ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرَجْعَةٍ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ رَجْعَةٌ إذْ هُوَ مَسٌّ بِشَهْوَةٍ وَزِيَادَةٌ لَا تَرْفَعُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَرَجْعَةُ الْمَجْنُونِ بِالْفِعْلِ وَلَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ.
وَقِيلَ بِهِمَا.
وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ ثُمَّ قَالَ وَطِئْتهَا وَأَنْكَرَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ.
وَلَوْ قَالَ لَمْ أَدْخُلْ بِهَا لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا.
وَتَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ بِالشَّرْطِ وَإِضَافَتُهَا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَاطِلٌ كَالنِّكَاحِ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنَّهُ يُرَاجِعُ بِالْقَوْلِ.
وَفِي الْيَنَابِيعِ: الرَّجْعَةُ سُنِّيَّةٌ وَبِدْعِيَّةٌ،