الِانْقِضَاءِ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ الِانْقِضَاءِ فَإِذَا أَخْبَرَتْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ وَأَقْرَبُ أَحْوَالِهِ حَالُ قَوْلِ الزَّوْجِ وَمَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى الِاتِّفَاقِ فَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ الِانْقِضَاءِ وَالْمُرَاجَعَةُ لَا تَثْبُتُ بِهِ
فَفِي الْحُرَّةِ إنْ صَدَّقَتْهُ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا فَالرَّجْعَةُ أَوْلَى، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَا تَثْبُتُ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ وَالْخَبَرُ مُجَرَّدُ دَعْوَى تَمَلُّكِ بُضْعِهَا بَعْدَ ظُهُورِ انْقِطَاعِ مِلْكِهِ، وَمُجَرَّدُ دَعْوَى مِلْكٍ فِي وَقْتٍ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِيهِ لَا يَجُوزُ قَبُولُهَا مَعَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُهُ فِيهِ إنْشَاؤُهُ كَأَنْ يَقُولَ فِي الْعِدَّةِ كُنْت رَاجَعْتُك أَمْسِ تَثْبُتُ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُتَّهَمًا فِيهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ يُنْشِئَهُ فِي الْحَالِ أَوْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إنْشَاءً إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ تَحْتَمِلُهُ، فَصَارَ كَالْوَكِيلِ إذَا أَخْبَرَ قَبْلَ الْعَزْلِ بِبَيْعِ الْعَيْنِ يُصَدَّقُ لِمِلْكِهِ الْإِنْشَاءَ، وَبَعْدَ مَا بَلَغَهُ الْعَزْلُ لَوْ أَخْبَرَ بِبَيْعِهِ سَابِقًا وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ حَيْثُ لَمْ يُخْبِرْ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَا تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ إذَا كَذَّبَتْهُ بَلْ تَذْهَبُ إلَى حَالِهَا بِلَا يَمِينٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهِيَ إحْدَى الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الَّتِي لَا يَمِينَ فِيهَا عِنْدَهُ وَفِي الْأَمَةِ إذَا كَذَّبَتْهُ وَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ وَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمَوْلَى.
وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِمَا، وَسَتَأْتِي أَوْجُهُ الْأَقْوَالِ فِي الْكِتَابِ فَإِنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ قَوْلِهِ لِلْحُرَّةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِلْأَمَةِ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ إذَا قَالَ قَبِلَ الِانْقِضَاءَ فَلْنُوَافِقْهُ فَنَقُولُ: وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، فَإِنْ قَالَتْ مُجِيبَةً انْقَضَتْ عِدَّتِي مَفْصُولًا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِي ذَلِكَ بِسَبَبِ سُكُوتِهَا وَعَدَمِ جَوَابِهَا عَلَى الْفَوْرِ.
وَلَوْ قِيلَ وَجَبَ إحَالَتُهُ عَلَى أَقْرَبِ حَالِ التَّكَلُّمِ وَذَلِكَ حَالَ سُكُوتِهَا فَيُضَافُ إلَيْهِ وَهُوَ بَعْدَ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ أَمْكَنُ، وَإِنْ قَالَتْهُ مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ لَا تَثْبُتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ الِانْقِضَاءَ، فَلَوْ لَمْ تَحْتَمِلْهُ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ إلَّا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْ وَثَبَتَ ذَلِكَ.
وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ لِأَنَّهُ أَنْشَأَهَا حَالَ قِيَامِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا لِبَقَائِهَا ظَاهِرًا مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَائِهَا فَتَثْبُتُ كَمَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك فَقَالَتْ مُجِيبَةً انْقَضَتْ عِدَّتِي لَحِقَهَا طَلْقَةٌ أُخْرَى، وَأَبُو حَنِيفَةَ يَمْنَعُ قِيَامَهَا حَالَ كَلَامِهِ لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ شَرْعًا فَوَجَبَ قَبُولُ إخْبَارِهَا وَأَقْرَبُ زَمَانٍ يُحَالُ عَلَيْهِ خَبَرُهَا زَمَانُ تَكَلُّمِهِ فَتَكُونُ الرَّجْعَةُ مُقَارِنَةً لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ، كَمَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك، وَعَلَى هَذَا لَوْ اتَّفَقَ أَنْ خَرَجَ كَلَامُ الرَّجُلِ مَعَ قَوْلِهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي يَنْبَغِي أَنْ لَا تَثْبُتَ الرَّجْعَةُ، وَمَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ الْمَقِيسِ لَهُمَا عَلَيْهَا مَمْنُوعَةٌ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ.
قِيلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِهِ لِإِقْرَارِهِ بِالْوُقُوعِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنْشَاءٌ وَلَيْسَ بِإِخْبَارٍ لِيَكُونَ إقْرَارًا، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ أَنْشَأَ فِي وَقْتٍ لَا يَصِحُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ.
نَعَمْ لَوْ عَرَفَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute