وَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِيهِ سِوَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ حَتَّى لَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ، وَالشَّرْطُ الْإِيلَاجُ دُونَ الْإِنْزَالِ لِأَنَّهُ كَمَالٌ وَمُبَالَغَةٌ فِيهِ وَالْكَمَالُ قَيْدٌ زَائِدٌ
(وَالصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ فِي التَّحْلِيلِ كَالْبَالِغِ) لِوُجُودِ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَهُوَ الشَّرْطُ بِالنَّصِّ،
لَهُمْ أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الْغُرَابِ بِالْغُرَابِ» وَهُوَ فِي الْمُوَطَّإِ هَكَذَا: أَنْبَأْنَا مَالِكٌ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ عَنْ الزَّبِيرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ «أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ ثَلَاثًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَنَكَحَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزَّبِيرِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا فَفَارَقَهَا، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَقَالَ: لَا تَحِلُّ لَك حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ» وَوَقَعَ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ عَكْسُ مَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ «كَانَتْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْظَةَ يُقَالُ لَهَا تَمِيمَةُ بِنْتُ وَهْبٍ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزَّبِيرِ فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا رِفَاعَةُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ثُمَّ فَارَقَهَا الْحَدِيثَ، وَفِيهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ يَا تَمِيمَةُ لَا تَرْجِعِي إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ رَجُلٌ غَيْرُهُ» قَالَ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إلَّا سَلَمَةُ أَبُو الْفَضْلِ (قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، أَوْ الْمُرَادُ الْخِلَافُ الْعَالِي سِوَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَلَا يَقْدَحُ فِيهِ كَوْنُ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَالشِّيعَةِ قَائِلِينَ بِقَوْلِهِ، وَاسْتُغْرِبَ ذَلِكَ مِنْ سَعِيدٍ حَتَّى قِيلَ لَعَلَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَبْلُغْهُ (قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ) لِمُخَالَفَتِهِ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَمَنْ أَفْتَى بِهَذَا الْقَوْلِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ انْتَهَى.
وَهَذَا لِأَنَّ شَرْعِيَّةَ ذَلِكَ لِإِغَاظَةِ الزَّوْجِ حَتَّى لَا يَسْرَحَ فِي كَثْرَةِ الطَّلَاقِ عُومِلَ بِمَا يَبْغُضُ حِينَ عَمِلَ أَبْغَضَ مَا يُبَاحُ (قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ الْإِيلَاجُ) بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَنْ قُوَّةِ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مَلْفُوفًا بِخِرْقَةٍ إذَا كَانَ يَجِدُ لَذَّةَ حَرَارَةِ الْمَحِلِّ، فَلَوْ أَوْلَجَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ لَا بِقُوَّتِهِ بَلْ بِمُسَاعِدَةِ الْيَدِ لَا يَحِلُّهَا إلَّا إنْ انْتَعَشَ وَعَمِلَ، وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ لَذَّةً أَصْلًا، بِخِلَافِ مَنْ فِي آلَتِهِ فُتُورٌ وَأَوْلَجَهَا فِيهَا حَتَّى الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ بِهِ، وَخَرَجَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ يُولَجُ فِي مَحِلِّ الْحِلِّ: أَيْ فِي مَحِلِّ الْخِتَانِ فَلَا يَحِلُّ بِسُحْقِهِ حَتَّى تَحْبَلَ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ: إنْ كَانَ الْمَجْبُوبُ لَا يُنْزِلُ لَا يَحِلُّ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ لِأَنَّهُ إذَا جَفَّ مَاؤُهُ صَارَ كَالصَّبِيِّ أَوْ دُونَهُ وَدَخَلَ الْخَصِيُّ الَّذِي مِثْلُهُ يُجَامِعُ فَيُحِلُّهَا. وَفِي التَّجْرِيدِ: لَوْ كَانَ مَجْبُوبًا لَمْ يَحِلَّ، فَإِنْ حَبِلَتْ وَوَلَدَتْ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ كَانَ مَسْلُولًا وَجَامَعَهَا حَلَّتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالْحَسَنِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فِي الْمَحِلِّ بِيَقِينٍ، حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا وَهِيَ مُفْضَاةٌ لَا تَحِلُّ مَا لَمْ تَحْبَلْ، وَلَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا فَوَطِئَهَا هَذَا الزَّوْجُ فَأَفْضَاهَا لَا يُحِلُّهَا، وَإِنْ كَانَ يُوطَأُ مِثْلُهَا حَلَّتْ وَإِنْ أَفْضَاهَا (قَوْلُهُ دُونَ الْإِنْزَالِ) خِلَافًا لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لَا تَحِلُّ عِنْدَهُ حَتَّى يُنْزِلَ الثَّانِي حَمْلًا لِلْعُسَيْلَةِ عَلَيْهِ، وَمُنِعَ بِأَنَّهَا تَصْدُقُ مَعَهُ وَمَعَ الْإِيلَاجِ وَإِنَّمَا هُوَ كَمَالٌ. وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ» انْتَهَى. فَحَيْثُ صَدَقَ مُسَمَّى الْجِمَاعِ تَثْبُتُ فِيهِ إلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ ابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَكِّيِّ مَجْهُولٌ
(قَوْلُهُ وَهُوَ الشَّرْطُ بِالنَّصِّ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ كَانَ هُوَ الشَّرْطُ لَيْسَ غَيْرَهُ حَلَّتْ بِدُخُولِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ لَكِنَّهَا لَا تَحِلُّ بِهِ لِأَنَّهُ ﷺ شَرَطَ الْعُسَيْلَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الزَّوْجِ مِمَّنْ يَلْتَذُّ أَيْضًا، وَسَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا تَزَوَّجَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ عَاقِلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute