وَمَالِكٌ ﵀ يُخَالِفُنَا فِيهِ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّاهُ. وَفَسَّرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ: غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ وَمِثْلُهُ يُجَامِعُ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَأَحَلَّهَا عَلَى الزَّوْجِ الْأَوَّلِ، وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنْ تَتَحَرَّك آلَتُهُ وَيَشْتَهِي، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهَا لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَهُوَ سَبَبٌ لِنُزُولِ مَائِهَا وَالْحَاجَةِ إلَى الْإِيجَابِ فِي حَقِّهَا، أَمَّا لَا غُسْلَ عَلَى الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ يُؤْمَرُ بِهِ تَخَلُّقًا قَالَ (وَوَطْءُ الْمَوْلَى أَمَتَهُ لَا يُحِلُّهَا) لِأَنَّ الْغَايَةَ نِكَاحُ الزَّوْجِ
(وَإِذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ فَالنِّكَاحُ مَكْرُوهٌ) لِقَوْلِهِ ﷺ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ»
أَوْ مَجْنُونًا إذَا كَانَ يُجَامِعُ مِثْلُهُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي الذِّمِّيَّةِ حَتَّى يُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَتْ عَبْدًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ أَجَازَ السَّيِّدُ النِّكَاحَ فَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى طَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يَطَأَهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ، وَتَحِلُّ بِوَطْءِ الزَّوْجِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا.
رَجُلٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَاشْتَرَى عَبْدًا صَغِيرًا لَهُ عَشْرُ سِنِينَ فَزَوَّجَهُ مِنْ مُطَلَّقَتِهِ فَجَامَعَهَا ثُمَّ مَلَّكَهَا إيَّاهُ فَقَبِلَتْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحَلَّتْ لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ وَفَسَّرَهُ) أَيْ فَسَّرَ الصَّبِيَّ الْمُرَاهِقَ فِي الْجَامِعِ فَقَالَ: غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ وَمِثْلُهُ يُجَامِعُ، وَفِي الْمَنَافِعِ: الْمُرَاهِقُ الدَّانِي مِنْ الْبُلُوغِ، وَقِيلَ الَّذِي تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي الْجِمَاعَ.
وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ: إنَّهُ مُقَدَّرٌ بِعَشْرِ سِنِينَ.
وَلَا تَنْسَ مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الزَّوْجِ كُفُؤًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ إذَا كَانَتْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا، وَعَلَى هَذَا لَوْ زَوَّجَتْ الْحُرَّةُ نَفْسَهَا عَبْدًا لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ بِدُخُولِهِ (قَوْلُهُ وَوَطْءُ الْمَوْلَى لَا يُحِلُّهَا) لِزَوْجِهَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ غَايَةَ الْحُرْمَةِ نِكَاحُ الزَّوْجِ وَلَيْسَ الْمَوْلَى زَوْجًا
(قَوْلُهُ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنْ أُحِلَّك لَهُ أَوْ تَقُولَ هِيَ ذَلِكَ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ التَّحْرِيمِ الْمُنْتَهِضَةِ سَبَبًا لِلْعِقَابِ لِقَوْلِهِ ﷺ «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» أَمَّا لَوْ نَوَيَاهُ وَلَمْ يَقُولَاهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَيَكُونُ الرَّجُلُ مَأْجُورًا لِقَصْدِهِ الْإِصْلَاحَ.
وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵃ أَجْمَعِينَ -، وَالتَّخْرِيجُ عَنْ بَعْضِهِمْ يَكْفِينَا فَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ». وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَحَدِيثُ عُقْبَةَ هَكَذَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي عِلَلِهِ الْكُبْرَى عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ: مَا أَرَاهُ سَمِعَ مِنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ وَلَا رُوِيَ عَنْهُ. وَدُفِعَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْإِسْنَادِ قَالَ لِي أَبُو مُصْعَبٍ مِشْرَحٌ