للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اسْتِلْزَامِ الْمَعْصِيَةِ وَالِانْفِكَاكِ عَنْهَا لِاخْتِصَاصِهِ هُوَ بِزِيَادَةِ تَسْمِيَةِ الْمَالِ فَهُوَ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْكَبِ مِنْ الْفَرْدِ. وَالْإِيلَاءُ لُغَةً الْيَمِينُ، وَالْجَمْعُ الْأَلَايَا. قَالَ الشَّاعِرُ:

قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ … وَإِنْ بَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلْيَةُ بَرَّتْ

وَفِعْلُهُ آلَى يُولِي إيلَاءً كَتَصْرِيفِ أَعْطَى. وَفِي الشَّرْعِ: هُوَ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِاَللَّهِ أَوْ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ فِي الْكَنْزِ: الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ يَتَحَقَّقُ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ، وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَشُقُّ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ إشْقَاقُهُ بِعَارِضٍ ذَمِيمٍ فِي النَّفْسِ مِنْ الْجُبْنِ وَالْكَسَلِ، بِخِلَافِ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ صِيَامٌ أَوْ صَدَقَةٌ فَالْمُولِي حِينَئِذٍ مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ لُزُومِ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِمْ مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ الْكَفَّارَةِ لِقُصُورِ هَذَا عَنْ نَحْوِ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدُهُ حُرٌّ أَوْ فُلَانَةُ طَالِقٌ.

. وَأَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ،

وَشَرْطُهُ مَحَلِّيَّةُ الْمَرْأَةِ وَأَهْلِيَّةُ الْحَالِفِ وَعَدَمُ النَّقْصِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَالْأَوَّلُ بِالزَّوْجِيَّةِ وَالثَّانِي بِأَهْلِيَّةِ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا بِأَهْلِيَّةِ الْكَفَّارَةِ فَيَصِحُّ إيلَاءُ الذِّمِّيِّ عِنْدَهُ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةٌ نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، فَإِنْ قَرِبَهَا لَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ بِلَا قُرْبَانٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا، أَمَّا لَوْ آلَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ كَإِنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا، وَلَوْ آلَى بِمَا لَا يُلْزِمُ قُرْبَةً كَإِنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ وَنَحْوُهُ صَحَّ اتِّفَاقًا،

وَحُكْمُهُ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ أَوْ الْجَزَاءِ الْمُعَلَّقِ بِتَقْدِيرِ الْحِنْثِ بِالْقُرْبَانِ، وَوُقُوعُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ بِتَقْدِيرِ الْبَرِّ.

وَأَلْفَاظُهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ؛ فَالصَّرِيحُ نَحْوَ لَا أَقْرَبُك لَا أُجَامِعُك لَا أَطَؤُك لَا أُبَاضِعُك لَا أَغْتَسِلُ مِنْك مِنْ جَنَابَةٍ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ الْجِمَاعَ لَمْ يُدَيَّنْ فِي الْقَضَاءِ، وَالْكِنَايَةُ نَحْوَ لَا أَمَسُّك لَا آتِيك لَا أَغْشَاك لَا أَلْمِسُك لَأَغِيظَنَّك لَأَسُوأَنَّكِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْك لَا أَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَك لَا أُضَاجِعُك لَا أَقْرَبُ فِرَاشَك فَلَا يَكُونُ إيلَاءً بِلَا نِيَّةٍ وَيُدِينُ فِي الْقَضَاءِ. وَقِيلَ الصَّرِيحُ لَفْظَانِ: لَا أُجَامِعُك، لَا أَنِيكُك، وَهَذِهِ كِنَايَاتٌ تَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ، وَالْأَوْلَى الْأَوَّلُ لِأَنَّ الصَّرَاحَةَ مَنُوطَةٌ بِتَبَادُرِ الْمَعْنَى لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا لَا بِالْحَقِيقَةِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ كَوْنُ الصَّرِيحِ لَفْظًا وَاحِدًا وَهُوَ ثَانِي مَا ذَكَرَ.

وَفِي الْبَدَائِعِ: الِافْتِضَاضُ فِي الْبِكْرِ يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ، وَالدُّنُوُّ كِنَايَةٌ، وَكَذَا لَا أَبِيتُ مَعَك فِي فِرَاشٍ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْمُنْتَقَى لَا أَنَامُ مَعَك إيلَاءً بِلَا نِيَّةٍ، وَكَذَا لَا يَمَسُّ فَرْجِي فَرْجَك.

فِي الذَّخِيرَةِ: وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ مَا يُخَالِفُهُ قَالَ: لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا يَصِيرُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَلُفَّ ذَكَرَهُ بِشَيْءٍ. وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ: يَحْنَثُ بِمَسِّ الْفَرْجِ دُونَ الْجِمَاعِ فَلَيْسَ بِمُولٍ؛ قِيلَ فِيهِ بُعْدٌ وَهُوَ حَقٌّ لِأَنَّ الْفَرْضَ كَوْنُ الْجِمَاعِ هُوَ الْمُرَادُ وَلِذَا كَانَ كِنَايَةً مُفْتَقِرَةً إلَى النِّيَّةِ وَهُوَ فَرْعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ ذَلِكَ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْجِمَاعِ فَيَكُونُ مُولِيًا. وَفِي التُّحْفَةِ: لَوْ قَالَ أَنَا مِنْك مُولٍ فَإِنْ عَنَى الْخَبَرَ كَذِبًا فَلَيْسَ بِمُولٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَصْدُقُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِأَنَّ هَذَا إيجَابٌ فِي الشَّرْعِ، وَإِنْ عَنَى بِهِ الْإِيجَابَ فَهُوَ مُولٍ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْإِيلَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>