للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا مِلْكُ الْبِضْعِ فِي حَالَةِ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ، وَبِخِلَافِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْبِضْعَ فِي حَالَةِ الدُّخُولِ مُتَقَوِّمٌ، وَالْفِقْهُ أَنَّهُ شَرِيفٌ فَلَمْ يَشْرَعْ تَمَلُّكَهُ إلَّا بِعِوَضٍ إظْهَارًا لِشَرَفِهِ، فَأَمَّا الْإِسْقَاطُ فَنَفْسُهُ شَرَفٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِ الْمَالِ.

قَالَ (وَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ) لِأَنَّ مَا يَصْلُحُ عِوَضًا لِلْمُتَقَوِّمِ

بِلَا عِوَضٍ، وَالْعِتْقُ لَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ وُجُودِهِ فَيَنْزِلُ وَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ، وَلَا إيجَابُ الْمُسَمَّى لِفَسَادِهِ وَلَا وُقُوعُهُ بِلَا بَدَلٍ لِمَا ذَكَرْنَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا احْتَبَسَ عِنْدَهُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى وَهُوَ قِيمَةُ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْبَدَلُ فِي مَوْضِعِ لُزُومِهِ تَجِبُ قِيمَةُ الْمُبْدَلِ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ عَنَى بِكَوْنِ الْعَبْدِ مُتَقَوِّمًا عِنْدَ الْخُرُوجِ أَوْ حَالَةَ الْبَقَاءِ لُزُومَ قِيمَتِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِ شَرْعًا فَمَمْنُوعٌ، وَإِنْ عَنَى إمْكَانَ الِاعْتِيَاضِ فَالْبِضْعُ كَذَلِكَ حَالَةَ الْخُرُوجِ، فَلَا يُفِيدُ هَذَا الْفَرْقُ فِي الرُّجُوعِ بَيْنَهُمَا فِي تَسْمِيَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. وَالْجَوَابُ الْمُرَادُ أَمْرٌ ثَالِثٌ وَهُوَ كَوْنُهُ لَهُ قِيمَةٌ فِي الْوَاقِعِ بِأَنَّ الشَّرْعَ قَوَّمَ أَوَّلًا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَيْسَ هَذَا فِي الْبِضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ وَالْفِقْهُ فِيهِ) أَيْ فِي لُزُومِ تَقَوُّمِهِ عِنْدَ الدُّخُولِ دُونَ الْخُرُوجِ (أَنَّهُ) أَيْ الْبِضْعَ (شَرِيفٌ فَلَمْ يُشْرَعْ تَمْلِكُهُ إلَّا بِعِوَضٍ، فَأَمَّا الْإِسْقَاطُ فَنَفْسُهُ شَرَفٌ) أَيْ يَحْصُلُ بِهِ شَرَفُ الْبِضْعِ لِلتَّخَلُّصِ بِهِ مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ (فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِ الْمَالِ) إذَا لَمْ يَجِبْ إلَّا هَذَا الْغَرَضُ وَهُوَ حَاصِلٌ هُنَا بِدُونِهِ

(قَوْلُهُ وَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا جَازَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ) وَلَا يَنْعَكِسُ كُلِّيًّا، فَالصَّادِقُ بَعْضُ مَا جَازَ بَدَلَ خُلْعٍ جَازَ كَوْنُهُ مَهْرًا وَالْبَعْضُ لَا كَالْأَقَلِّ مِنْ الْعَشَرَةِ وَمَا فِي يَدِهَا، وَمَا فِي بَطْنِ غَنَمِهَا وَمَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهَا يَجُوزُ وَلَهُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَلَا يَجُوزُ مَهْرًا بَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ لَيْسَ مَالًا فِي الْحَالِ بَلْ فِي الْمَآلِ فَكَانَ تَعْلِيقًا بِالِانْفِصَالِ مِنْ الْبَطْنِ، وَأَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَهُوَ الطَّلَاقُ هُنَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، فَكَذَا الْآخَرُ: أَعْنِي الْمَالَ، وَلَا يَقْبَلُهُ مَا يُقَابِلُ الْمَالَ هُنَاكَ وَهُوَ مِلْكُ النِّكَاحِ فَكَذَلِكَ عِوَضُهُ الْآخَرُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بُطُونِهَا شَيْءٌ حَالَةَ الْخُلْعِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَمَا حَدَثَ فِي الْبَطْنِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَهَا لَا لَهُ لِأَنَّهَا غَيْرُ غَارَّةٍ، إذْ مَا فِي الْبَطْنِ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَوْنُهُ مَالًا إذَا ظَهَرَ لِجَوَازِ كَوْنِهِ رِيحًا أَوْ مَيِّتَةً فَلَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ.

وَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ مَعَ جَهَالَةٍ مُسْتَدْرَكَةٍ كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ لَا الْفَاحِشَةِ كَالْمَطَرِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ وَالْمَيْسَرَةِ، وَحَيْثُ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ يَجِبُ الْمَالُ حَالًا، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إسْقَاطًا حَتَّى جَازَ تَعْلِيقُهُ وَخُلُوُّهُ مِنْ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ وَكَانَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُحُ جَازَ الْمَجْهُولُ وَإِلَى الْأَجَلِ الْمَجْهُولِ الْمُسْتَدْرَكِ الْجَهَالَةِ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَجُوزُ اخْتِلَاعُهَا عَلَى زِرَاعَةِ أَرْضِهَا وَرُكُوبِ دَابَّتِهَا وَخِدْمَتِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يُلْزِمُ خَلْوَتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>