(وَلَوْ قَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَفَعَلَ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ فَعَلَيْهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ) لِأَنَّهَا سَمَّتْ الْجَمْعَ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ، وَكَلِمَةُ مِنْ هَاهُنَا لِلصِّلَةِ دُونَ التَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَخْتَلُّ بِدُونِهِ.
عُرِفَ فِي الْإِقْرَارِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ ﵀.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْجَهَالَةَ تُوجِبُ الْفَسَادَ، وَلِأَنَّ كَوْنَ أَقَلِّ مَا هُوَ مَالٌ دِرْهَمًا مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا سَمَّتْ الْجَمْعَ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ) فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فِي قَوْلِهَا دِرْهَمٌ ظَاهِرٌ، أَمَّا فِي الْمُحَلَّى فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهَا دِرْهَمٌ لِبُطْلَانِ الْجَمْعِيَّةِ بِاللَّامِ إلَى الْجِنْسِيَّةِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالْفَرْدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهَا دِرْهَمٌ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الْعَهْدِيَّةِ، فَأَمَّا إنْ أَمْكَنَ اُعْتُبِرَ كَوْنُهُ الْمُرَادُ وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّ قَوْلَهَا عَلَى مَا فِي يَدِي أَفَادَ كَوْنَ الْمُسَمَّى مَظْرُوفًا بِيَدِهَا وَهُوَ عَامٌ يَصْدُقُ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا، فَصَارَ بِالدَّرَاهِمِ عَهْدٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مِنْ مَاصَدَقَاتِ لَفْظَةِ مَا وَهُوَ مُبْهَمٌ وَلَفْظَةُ مِنْ وَقَعَتْ بَيَانًا وَمَدْخُولُهَا وَهُوَ الدَّرَاهِمُ هُوَ الْمُبَيِّنُ لِخُصُوصِ الْمَظْرُوفِ فَصَارَ كَلَفْظِ الذَّكَرِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى﴾ لِلْعَهْدِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ ﴿مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾ وَإِنْ كَانَ يُخَالِفُهُ فِي كَوْنِ مَدْخُولِ اللَّامِ هُنَا وَاقِعًا بَيَانًا لِلْمَعْهُودِ بِخِلَافِهِ فِي وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى لِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَفْظِ مَا فِيهِ مُتَعَيِّنٌ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ لِلْبَيْعَةِ إنَّمَا هُوَ الذَّكَرُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْجِنْسِ إلَّا عِنْدَ إمْكَانِ الِاسْتِغْرَاقِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ وَلِذَا يَكُونُ لِلْجِنْسِ. لَا أَشْتَرِي الْعَبِيدَ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي النَّفْيِ دُونَ لَأَشْتَرِيَنَّ الْعَبِيدَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ فَيَحْنَثُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَاحِدٍ بِالْأَوَّلِ وَلَا يَبَرُّ بِشِرَاءِ عَبْدٍ فِي الثَّانِي بَلْ بِشِرَاءِ ثَلَاثَةٍ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا صِلَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ؛ أَلَا تَرَى إلَى صِدْقِ ضَابِطِهَا وَهُوَ صَلَاحِيَّةُ وَضْعِ الَّذِي مَوْضِعِهَا مَوْصُولًا بِمَدْخُولِهَا حَالَ كَوْنِهِ خَبَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute