(فَإِنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ لَهَا آبِقٍ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ) لِأَنَّهُ عَقْدُ الْمُعَاوَضَةِ فَيَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ، وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ عَنْهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَيَبْطُلُ إلَّا أَنَّ الْخُلْعَ
الْمُبْتَدَإِ الَّذِي هُوَ ضَمِيرُ الْمُبْهَمِ هَكَذَا مَا فِي يَدِي الَّذِي هُوَ الدَّرَاهِمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ﴾ لِصِدْقِ الرِّجْسِ الَّذِي هُوَ الْأَوْثَانُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي لَفْظِ الصِّلَةِ اصْطِلَاحٌ، وَمَا قِيلَ إنَّ تُعَيُّنَّ الثَّلَاثَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْبِضْعَ مُحْتَرَمٌ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَدٍ مُعْتَبَرٍ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ.
دُفِعَ بِأَنَّهُ فَرْعُ تَقَوُّمِ الْبِضْعِ فِي الْخُرُوجِ وَهُوَ مُنْتَفٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَ الْمَالُ مِنْ قَوْلِهَا عَلَى مَا فِي يَدِي مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَانَ الْبِضْعُ مُحْتَرَمًا فَالظَّاهِرُ أَنْ يُرَادَ بِبَدَلِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ عَنْهُ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ، وَالدِّرْهَمُ الْوَاحِدُ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ الْجِنْسُ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ الْجَمْعُ غَيْرُ ذِي خَطَرٍ وَلِذَا لَمْ يَقْطَعْ الْعُضْوَ بِهِ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ فَإِنَّهُ ذُو خَطَرٍ وَهُوَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ الْجِنْسِ كَالْفَرْدِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ حَمْلًا لَا دَلَالَةً بِالْمُعَيَّنِ الْمَذْكُورِ، كَمَا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْفَرْدِ بِمُعَيَّنٍ لِكَوْنِهِ الْمُتَيَقِّنَ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُعَيِّنُ غَيْرَهُ
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا بَرِيئَةٌ) يَعْنِي إنْ وَجَدَتْهُ سَلَّمَتْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إلَخْ) هَذَا فَرْعُ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِسَبَبِ أَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ غَيْرِ مَالٍ، فَالْعَجْزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الْقِيمَةِ فَتُدْفَعُ.
وَكَذَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ صَحَّتْ وَوَجَبَ تَسْلِيمُهُ إنْ رَضِيَ سَيِّدُهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ، وَهَذَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ التَّزَوُّجُ عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ وَحُكْمُهُ كَذَلِكَ فَالْخُلْعُ عَلَيْهِ أَوْلَى، بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ فَالْعَجْزُ يُفْضِي إلَيْهَا وَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ إلَّا لِقَطْعِهَا فَلَا يَجُوزُ تَسْمِيَةُ الْآبِقِ فِيهِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى دَابَّةٍ وَعَلَى أَنْ تُزَوَّجَهُ امْرَأَةً وَتُمْهِرَهَا عَنْهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ لَا التَّسْمِيَةُ فَيَرْجِعُ بِمَهْرِهَا لِأَنَّ الْجَهَالَةَ مُتَفَاحِشَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ شَيْءٍ مُسَمًّى بِعَيْنِهِ وَلَا قِيمَتُهُ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ أَوْ قِيمَتُهُ.
وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ كَتَسْمِيَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ، فَإِذَا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ أَوْجَبَتْ تَسْلِيمَ الْمُسَمَّى فَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ عَنْ ضَمَانِهِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ الْبَدَلِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ اشْتِرَاطُ عَدَمِ حُكْمِهِ فَيَبْطُلُ هَذَا الشَّرْطُ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute