للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، وَعَلَى هَذَا النِّكَاحِ

(وَإِذَا قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَعَلَيْهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ) لِأَنَّهَا لَمَّا طَلَبَتْ الثَّلَاثَ بِأَلْفٍ فَقَدْ طَلَبَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَهَذَا لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ يَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ

كَانَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ يُوجِبُ سَلَامَتَهُ كَمَا يُوجِبُ أَصْلَهُ لِأَنَّ وُجُوبَ سَلَامَتِهِ تَبَعٌ لِوُجُوبِهِ فَوُجُوبُ أَصْلِهِ هُوَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، ثُمَّ يَجِبُ كَوْنُهُ سَلِيمًا لِأَنَّ وُجُوبَ مُطْلَقِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي كَمَالَهُ، لِأَنَّ الْمَعِيبَ فَائِتٌ مِنْ وَجْهٍ فَكَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْعَيْبُ، فَاشْتِرَاطُ نَفْيِهِ اشْتِرَاطُ نَفْيِ نَفْسِ مُقْتَضَاهُ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مَعِيبًا لِأَنَّهُ إثْبَاتُهُ، ثُمَّ إسْقَاطُ بَعْضِ الْحُقُوقِ التَّابِعِ وُجُوبُهَا لِوُجُوبِهِ، وَذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِإِثْبَاتِ مُقْتَضَاهُ.

أَوْ نَقُولُ: السَّلَامَةُ إنَّمَا هِيَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الَّذِي لَمْ يُشْرَطْ فِيهِ عَدَمُهَا وَهُوَ الْمُطْلَقُ لَا غَيْرُهُ، بِخِلَافِ أَصْلِ الْبَدَلِ فَإِنَّهُ حُكْمُ كُلِّ عَقْدٍ مُطْلَقًا. وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ، وَلَوْ كَانَ مَاتَ قَبْلَ الْخُلْعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ الَّذِي أَخَذَتْهُ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ بِتَسْمِيَةِ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا فَاسْتَحَقَّ لَزِمَهَا قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ مَعَ بَقَاءِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِتَسْلِيمِهِ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَيَجِبُ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ مَاتَ قَبْلَ الْخُلْعِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ عَلِمَ بِذَلِكَ أَنْ لَا يَجِبَ لَهُ شَيْءٌ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْخَلِّ الْمُعَيَّنِ إذَا ظَهَرَ خَمْرًا وَهُوَ يَعْلَمُ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِعَبْدٍ حَلَالِ الدَّمِ فَقُتِلَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ كَالِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ وَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ فَقُطِعَ عِنْدَ الزَّوْجِ رَدَّهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ

(قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَ فَطَلَّقَهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَعَنْ مَالِكٍ تَقَعُ بِالْأَلْفِ.

وَعِنْدَ أَحْمَدَ تَقَعُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَالدَّعْوَى مَوْقُوفَةٌ عَلَى إثْبَاتِ التَّلَازُمِ بَيْنَ طَلَبِهَا الثَّلَاثِ بِأَلْفٍ وَطَلَبِ الْوَاحِدَةِ بِثُلُثِهِ فَأَثْبَتَهُ بِقَوْلِهِ إنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ بِاتِّفَاقٍ، وَالْعِوَضُ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوِّضِ بِالضَّرُورَةِ وَإِلَّا لَخَلَا بَعْضُهُ عَنْهُ فَيَكُونُ بَعْضُهُ بِلَا عِوَضٍ، لَكِنَّ الْغَرَضَ أَنْ لَا تَبَرُّعَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، لَكِنْ لَازَمَ هَذَا جَعْلُ كُلِّ طَلْقَةٍ بِمُقَابَلَةِ ثُلُثِ الْأَلْفِ، وَالْمَطْلُوبُ وَهُوَ طَلَبُ كُلِّ طَلْقَةٍ بِثُلُثِهِ لَازِمُهُ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعِلْمُ مُحِيطًا بِالِانْقِسَامِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَكُونُ طَلَبُ الْجُمْلَةِ بِعِوَضٍ طَلَبَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ، لَكِنْ يَبْقَى فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ طَلَبُ الطَّلْقَةِ بِحِصَّتِهَا حَالَ كَوْنِهَا مَعَ الطَّلْقَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ لَا مُنْفَرِدَةً، فَإِيقَاعُهُ الْوَاحِدَةَ فَقَطْ إيقَاعُ غَيْرِ الْمَسْئُولِ فَيَقَعُ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَهُوَ وَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَلِذَا رَتَّبَ فِي الْكَافِي الدَّعْوَى عَلَى اللَّازِمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ جَعْلُهَا كُلَّ طَلْقَةٍ بِثُلُثِهَا، وَجَعْلُهُ نَظِيرَ مَنْ يَقُولُ لِغَيْرِهِ بِعْ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ الثَّلَاثَةَ بِأَلْفٍ فَبَاعَ أَحَدَهُمْ بِثُلُثِهَا يَجُوزُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَحْصِيلُ بَعْضِ الْمَقْصُودِ، كَذَا هَذَا بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الْأَصْلِيَّ مِلْكُهَا نَفْسُهَا بِقَطْعِ مِلْكِهِ، غَيْرِ أَنَّهَا ذَكَرَتْ إحْدَى صُورَتِي ذَلِكَ وَهُوَ الثَّلَاثُ بَعْدَ عِلْمِهَا بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْهَا فَإِبَانَتُهَا بِوَاحِدَةٍ تَحْصِيلُ أَصْلِ الْمَقْصُودِ فِي صُورَةٍ أُخْرَى فَهُوَ أَوْلَى بِجَوَازِهِ بِحِصَّتِهَا، بِخِلَافِ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي قَوْلِهِ بِعْتُك هَذِهِ الْأَعْبُدَ الثَّلَاثَةَ بِأَلْفٍ كُلَّ وَاحِدٍ بِثُلُثِهَا فَقَبِلَ فِي وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لِمَانِعٍ وَهُوَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَإِنَّهُ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ عَادَةَ التُّجَّارِ ضَمُّ الْجَيِّدِ إلَى الرَّدِيءِ فِي الصَّفْقَةِ لِيُرَوِّجُوا الرَّدِيءَ، فَالْقَبُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>