للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْعِوَضُ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ لِوُجُوبِ الْمَالِ (وَإِنْ قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ. وَقَالَا هِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ) لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى بِمَنْزِلَةِ الْبَاءِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، حَتَّى إنَّ قَوْلَهُمْ احْمِلْ هَذَا الطَّعَامَ بِدِرْهَمٍ أَوْ عَلَى دِرْهَمٍ سَوَاءٌ.

وَلَهُ أَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِلشَّرْطِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا﴾ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي الدَّارَ كَانَ شَرْطًا، وَهَذَا لِأَنَّهُ لِلُّزُومِ حَقِيقَةً، وَاسْتُعِيرَ لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُلَازِمُ الْجَزَاءَ، وَإِذْ كَانَ لِلشَّرْطِ فَالْمَشْرُوطُ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّرْطِ،

فِي

بَعْضِهَا إلْحَاقُ الضَّرَرِ

بِهِ.

وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فِي وَاحِدَةٍ لَا يَقَعُ شَيْءٌ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُنَاكَ رَاضٍ بِالْبَيْنُونَةِ مُقَابِلًا بِثُلُثِ الْأَلْفِ حَيْثُ كَانَ الْإِيقَاعُ مِنْهُ، وَفِي هَذِهِ لَمْ يَرْضَ بِهَا إلَّا وَأَنْ يَكُونَ بِإِزَائِهَا أَلْفٌ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ الْإِيجَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا. وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَةً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ اسْتِحْسَانًا.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ طَلَاقِهَا إلَّا وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَلْزَمُهَا الْأَلْفُ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْهُ بِإِزَاءِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ. وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، وَلَوْ قَبِلَتْ الثَّلَاثَ بِالْأَلْفِ لَمْ يَقَعْ. وَفِي الْخُلَاصَةِ قُبَيْلِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَبِثُلُثِ الْأَلْفِ (قَوْلُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ لِلُّزُومِ حَقِيقَةٍ وَاسْتُعِيرَ لِلشَّرْطِ) يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ إنَّ كَلِمَةَ (عَلَى) لِلشَّرْطِ مُرَادُهُ مَجَازًا.

وَفِي النِّهَايَةِ: لَا يَتِمُّ تَعْلِيلُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا عَلَى تَعْلِيلِ الْمَبْسُوطِ حَيْثُ ادَّعَى أَنَّهَا لِلشَّرْطِ حَقِيقَةً لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مُسْتَعَارَةً لِلشَّرْطِ، لَهُمَا أَنْ يَقُولَا لِمَ صَارَتْ تِلْكَ الِاسْتِعَارَةُ أَوْلَى مِنْ اسْتِعَارَتِهَا لِمَعْنَى الْبَاءِ، بَلْ اسْتِعَارَتُهَا لِمَعْنَى الْبَاءِ أَوْلَى لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا الْإِلْزَامُ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْإِلْصَاقِ وَاللُّزُومِ أَكْثَرُ مِنْهَا بَيْنَ الْإِلْزَامِ وَالشَّرْطِ. ثُمَّ نَقَلَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لِلشَّرْطِ حَقِيقَةً وَهُوَ مُمْكِنٌ هُنَا إذْ الطَّلَاقُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهَا فِيهِ إذْ لَا يَعْدِلُ إلَى الْمَجَازِ مَعَ إمْكَانِ الْحَقِيقَةِ.

وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا حَقِيقَةٌ لِلِاسْتِعْلَاءِ إذَا اتَّصَلَتْ بِالْأَجْسَامِ الْمَحْسُوسَةِ كَقُمْتُ عَلَى السَّطْحِ وَالْعَتَبَةِ وَجَلَسْت عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>