(وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ طَلَّقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ قَبِلْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ فَقَالَ: قَبِلْت فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي) وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الطَّلَاقَ بِالْمَالِ يَمِينٌ مِنْ جَانِبِهِ فَالْإِقْرَارُ بِهِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّرْطِ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِ، أَمَّا الْبَيْعُ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ وَالْإِقْرَارُ بِهِ إقْرَارٌ بِمَا لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ فَإِنْكَارُهُ الْقَبُولَ رُجُوعٌ مِنْهُ.
فَرْعٌ]
مِنْ صُوَرِ تَعْلِيقِ الْخُلْعِ أَنْ يَقُولَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفٍ فَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ فَفَعَلَتْ صَحَّ الْخُلْعُ، ذَكَرَهُ فِي عَلَامَةِ السِّينِ مِنْ التَّجْنِيسِ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مِنْ الزَّوْجِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَبُولَهَا قَبْلَ الشَّرْطِ.
وَفِي الْوَجِيزِ: إذَا قَالَ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَقَدْ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ وَإِذَا جَاءَ غَدٌ إلَخْ كَانَ الْقَبُولُ إلَيْهَا بَعْدَ مَجِيءِ الْوَقْتِ وَقُدُومِ فُلَانٍ
(قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ. وَحَقِيقَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ أَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفٍ إقْرَارٌ بِمُجَرَّدِ الْيَمِينِ لَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إذْ هُوَ لَازِمُ وُجُودِ الشَّرْطِ لَا لَازِمُهُ، وَالْمَوْجُودُ بَعْدَ هَذَا مِنْهُ وَمِنْهَا اخْتِلَافٌ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ وَهِيَ تَدَّعِيهِ لَتُثْبِتَ الطَّلَاقَ وَهُوَ مُنْكِرٌ غَيْرُ مُنَاقِضٍ إذْ لَمْ يَقْتَضِ إنْكَارُهُ الْقَبُولَ رُجُوعَهُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِعْتُك فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي إذْ الْبَيْعُ لَا يَقُومُ إلَّا بِهِ، فَإِنْكَارُهُ قَبُولَهُ رُجُوعٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ، حَتَّى لَوْ كَانَ قَالَ لَهَا بِعْتُك طَلَاقَك أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ بَلْ قَبِلْت كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، وَقَوْلُهُ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ وَبِعْتُك أَمْسِ نَفْسَك بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الزَّوْجِ لَهَا.
وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَخَوَاتٌ فِي كُتُبِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هِيَ: قَالَ لَهَا قَدْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فَقَالَتْ إنَّمَا سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتَنِي وَاحِدَةً فَلَكَ ثُلُثُهَا الْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْجُعَلِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْخُلْعِ، أَوْ قَالَتْ اُخْتُلِعَتْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ، أَمَّا إذَا اتَّفَقَا أَنَّهَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ وَقَالَتْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً وَقَالَ هُوَ ثَلَاثًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجْلِسِ سُؤَالِهَا الثَّلَاثِ بِأَلْفٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ، فَغَايَةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ مُوقِعًا الْبَاقِيَ فِي الْمَجْلِسِ فَيَكُونُ مِثْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَزِمَهَا الثَّلَاثُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لَك: يَعْنِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ هُوَ بَلْ سَأَلْتِنِي وَاحِدَةً عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتُكِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁.
وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَاحِدَةً وَالْبَاقِيَ فِي غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute