قَالَ (وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ كِلَاهُمَا يُسْقِطَانِ كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَسْقُطُ فِيهِمَا إلَّا مَا سَمَّيَاهُ، وَأَبُو يُوسُفَ مَعَهُ فِي الْخُلْعِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُبَارَأَةِ.
فَقَالَ بَلْ الثَّلَاثُ فِيهِ فَالْقَوْلُ لَهَا. وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي أَنَا وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَحْدِي وَقَالَ طَلَّقْتهَا مَعَك وَقَدْ افْتَرَقَا عَنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ لَهَا وَعَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ وَالْأُخْرَى طَالِقٌ بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا إنْ قَالَتْ فَلَمْ تُطَلِّقْنِي وَلَا هِيَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ. وَمَسْأَلَةُ خُلْعِ الثِّنْتَيْنِ بِسُؤَالٍ وَاحِدٍ تَنْبِيهٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا خَلَعَ امْرَأَتَيْهِ عَلَى أَلْفٍ كَانَتْ مُنْقَسِمَةً عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهُمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ حَتَّى لَوْ سَأَلَتَاهُ طَلَاقَهُمَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَزِمَ الْمُطَلَّقَةَ حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَيْضًا لَزِمَهَا حِصَّتُهَا لَا أَنَّ الْأَلْفَ تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ.
وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَمَا افْتَرَقُوا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْخُلْعَ وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَلْفِ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْجُعْلِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي لِلْخُلْعِ وَالْمَرْأَةُ مُنْكِرَةٌ فَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدِيهِ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ جَازَ شَهَادَتُهُمَا عَلَى أَلْفٍ، وَإِنْ ادَّعَى أَلْفًا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْجُعْلِ أَيْضًا، الْكُلُّ مِنْ مُخْتَصَرِ الْحَاكِمِ أَبِي الْفَضْلِ لِكَلَامِ مُحَمَّدٍ ﵀.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ فَالْقَوْلُ لَهَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ﵀ يَتَحَالَفَانِ
(قَوْلُهُ وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْبَرَاءَةِ وَتَرْكُ الْهَمْزَةِ خَطَأٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَارَأْتُك عَلَى أَلْفٍ وَتَقْبَلَ، وَقَوْلُهُ (يُسْقِطَانِ كُلَّ حَقٍّ إلَى آخِرِهِ) مُقَيَّدٌ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ إذَا كَانَتْ مَفْرُوضَةً، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ لَا تَقَعُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، بَلْ لِلْمُخْتَلِعَةِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى إلَّا إنْ اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَتَسْقُطُ دُونَ السُّكْنَى لِأَنَّهَا حَقُّ الشَّرْعِ، وَإِطْلَاقُ جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ يَقْتَضِي سُقُوطَ الْمَهْرِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ سَوَاءٌ سَمَّيَا شَيْئًا فِي الْخُلْعِ أَوْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute