لِمُحَمَّدٍ أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ وَفِي الْمُعَاوَضَاتِ يُعْتَبَرُ الْمَشْرُوطُ لَا غَيْرُهُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُمَا إمَّا أَنْ لَا يُسَمِّيَا شَيْئًا بِأَنْ يَقُولَ خَالَعْتكِ فَقَبِلْت وَلَمْ يَذْكُرَا شَيْئًا أَوْ سَمَّيَا الْمَهْرَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ مَالًا آخَرَ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهَا لَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ حَتَّى تَأْخُذَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا.
وَالثَّانِيَةُ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْهُ وَعَنْ دَيْنٍ آخَرَ سِوَاهُ. وَالثَّالِثَةُ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ لَا غَيْرُ. فَلَا يُطَالَبُ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ لَا حَتَّى لَا تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِهِ إنْ كَانَ مَقْبُوضًا كُلَّهُ، وَالْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِالْخُلْعِ فَحَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَزِمَ مَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُرَادَ الِانْخِلَاعُ مِنْهُ.
وَإِنْ سَمَّيَا الْمَهْرَ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَيْسَ مَقْبُوضًا سَقَطَ عَنْهُ كُلُّهُ، وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِجَمِيعِهِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا فَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ وَبِقَدْرِ نِصْفِهِ كُلِّهِ بِالشَّرْطِ وَنِصْفِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَلْفًا رَجَعَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ بِالْمَقْبُوضِ فَقَطْ لِأَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ وَهُوَ نِصْفُ الْمُسَمَّى قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّهُ بِالشَّرْطِ وَرَدُّ النِّصْفِ الْآخَرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لِأَنَّهَا قَبَضَتْ مَالًا تَسْتَحِقُّهُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّهُ، كَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ.
قِيلَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ إلَّا النِّصْفُ بِالشَّرْطِ وَيَسْقُطَ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ، كَمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ قَبَضَتْ كُلَّ الْمَهْرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ وَسَيَأْتِي، وَكَمَا إذَا سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ كُلُّ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا صَحَّتْ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ غَيْرُ أَنَّهُ سَقَطَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَاشْتِرَاطُ الْمَهْرِ لَهُ كَانَ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَيَنْصَرِفُ إلَى تَمَامِهِ، فَإِذَا كَانَتْ قَبَضَتْهُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِكُلِّهِ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَفِي الْقِيَاسِ يَسْقُطُ عَنْهُ كُلُّهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَدْرَهُ بِالشَّرْطِ وَهِيَ تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا بِقَدْرِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالزَّائِدِ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِمَا أَنَّ الْمَهْرَ اسْمٌ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ فَيَجِبُ لَهَا ذَلِكَ. وَيَجِبُ لَهُ مِثْلُهُ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا، وَإِنْ سَمَّيَا بَعْضَ الْمَهْرِ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى عُشْرِهِ مَثَلًا وَالْمَهْرُ أَلْفٌ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَكُلُّهُ مَقْبُوضٌ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمِائَةٍ بِالشَّرْطِ وَسَلَّمَ الْبَاقِيَ لَهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْبُوضٍ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّهُ مِائَةٌ بِالشَّرْطِ وَالْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكُلُّهُ مَقْبُوضٌ فَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِسِتِّمِائَةٍ بِالشَّرْطِ وَخَمْسِمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِينَ لِأَنَّهُ عُشْرُ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَرِئَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الْبَاقِي بِحُكْمِ لَفْظِ الْخُلْعِ، وَعَلَى مَا بَحَثْنَاهُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ بِمِائَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا سَقَطَ كُلُّهُ اسْتِحْسَانًا عُشْرُهُ بَدَلُ الْخُلْعِ وَالنِّصْفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْبَاقِي بِحُكْمِ الْخُلْعِ. وَإِنْ سَمَّيَا مَالًا آخَرَ غَيْرَ الْمَهْرِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ فَلَهُ الْمُسَمَّى لَيْسَ غَيْرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الْخُلْعِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَهْرُ مَقْبُوضٌ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَسَلَّمَ لَهَا مَا قَبَضَتْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَهُ الْمُسَمَّى بِالشَّرْطِ وَسَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِحُكْمِ الْخُلْعِ.
إذَا عَرَفْت هَذَا جِئْنَا إلَى الْخِلَافِيَّةِ (وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّ هَذِهِ مُعَاوَضَةٌ) وَأَثَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute