للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ فَلَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، ثُمَّ هُوَ مُحْكَمٌ فَيُرَدُّ التَّحْرِيمُ إلَيْهِ.

قَالَ (وَلَا يَكُونُ الظِّهَارُ إلَّا مِنْ الزَّوْجَةِ، حَتَّى لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ وَلِأَنَّ الْحِلَّ فِي الْأَمَةِ تَابِعٌ فَلَا تُلْحَقُ بِالْمَنْكُوحَةِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ مَنْقُولٌ عَنْ الطَّلَاقِ وَلَا طَلَاقَ فِي الْمَمْلُوكَةِ.

مَا نَوَى.

وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَلَوْ نَوَى الْإِيلَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إيلَاءً وَظِهَارًا بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ التَّنَافِي (قَوْلُهُ وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ) يَعْنِي الْمَبْسُوطَ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ: أَيْ لَفْظُ كَظَهْرِ أُمِّي صَرِيحٌ فِي الظِّهَارِ مُحْكَمٌ فِيهِ، وَلَفْظُ حَرَامٌ مُحْتَمَلٌ فَيُرَدّ إلَيْهِ إذَا قُرِنَ مَعَهُ

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ) مَوْطُوءَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ فِي الْأَمَةِ مُطْلَقًا، وَلِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةَ وَطَاوُسٍ وَقَتَادَةَ وَالزُّهْرِيِّ فِي الْمَوْطُوءَةِ.

لَنَا أَنَّ النَّصَّ يَتَنَاوَلُ نِسَاءَنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ وَالْأَمَةُ وَإِنْ صَحَّ إطْلَاقُ لَفْظِ نِسَائِنَا عَلَيْهَا لُغَةً لَكِنَّ صِحَّةَ الْإِطْلَاقِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْحَقِيقَةَ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ إضَافَةِ النِّسَاءِ إلَى رَجُلٍ أَوْ رِجَالٍ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ مَعَ الزَّوْجَاتِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ هَؤُلَاءِ جَوَارِيه لَا نِسَاؤُهُ، وَحُرْمَةُ بِنْتِ الْأَمَةِ الْمَوْطُوءَةِ لَيْسَ لِأَنَّ أُمَّهَا مِنْ نِسَائِنَا مُرَادَةٌ بِالنَّصِّ بَلْ لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَةٍ وَطْئًا حَلَالًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَبِلَا هَذَا الْقَيْدِ عِنْدَنَا، عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالنِّسَاءِ هُنَاكَ مَا تَصِحُّ بِهِ الْإِضَافَةُ حَتَّى يَشْمَلَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ وَهُنَّ الزَّوْجَاتُ، وَالْمَجَازِيُّ: أَعْنِي الْإِمَاءَ بِعُمُومِ الْمَجَازِ لَأَمْكَنَ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي الْإِمَاءِ كَثُبُوتِهِ فِي الزَّوْجَاتِ.

أَمَّا هُنَا فَلَا اتِّفَاقَ وَلَا لُزُومَ عِنْدَنَا أَيْضًا لِيَثْبُتَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ، لِأَنَّ الْإِمَاءَ لَسْنَ فِي مَعْنَى الزَّوْجَاتِ، لِأَنَّ الْحِلَّ فِيهِنَّ تَابِعٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنْ الْعَقْدِ وَلَا مِنْ الْمِلْكِ حَتَّى يَثْبُتَ مَعَ عَدَمِهِ فِي الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُوَاضَعَةِ، بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا يَصِحُّ فِي مَوْضِعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْحِلَّ، وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يُوجِبَ هَذَا التَّشْبِيهُ الَّذِي هُوَ كَذِبٌ سِوَى التَّوْبَةِ وَرَدَ الشَّرْعُ بِثُبُوتِ التَّحْرِيمِ فِيهِ فِي حَقِّ مَنْ لَهَا حَقٌّ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ فِيهِ فَيَبْقَى فِي حَقِّهَا عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ، وَلِأَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقًا

<<  <  ج: ص:  >  >>