(فَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ أَمْرِهَا ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ أَجَازَتْ النِّكَاحَ فَالظِّهَارُ بَاطِلٌ) لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي التَّشْبِيهِ وَقْتَ التَّصَرُّفِ فَلَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ، وَالظِّهَارُ لَيْسَ بِحَقٍّ مِنْ حُقُوقِهِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ، بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ.
(وَمَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ جَمِيعًا) لِأَنَّهُ أَضَافَ الظِّهَارَ إلَيْهِنَّ فَصَارَ كَمَا إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ (وَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةُ) لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَالْكَفَّارَةُ لِإِنْهَاءِ الْحُرْمَةِ فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهَا، بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ مِنْهُنَّ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِيهِ لِصِيَانَةِ حُرْمَةِ الِاسْمِ وَلَمْ يَتَعَدَّدْ ذِكْرُ الِاسْمِ.
فَنُقِلَ عَنْهُ إلَى تَحْرِيمٍ مُغَيَّا بِالْكَفَّارَةِ وَلَا طَلَاقَ فِي الْأَمَةِ، وَلَيْسَ هَذَا الْوَجْهُ بِشَيْءٍ لِلْمُتَأَمِّلِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي التَّشْبِيهِ وَقْتَ التَّصَرُّفِ) وَالتَّشْبِيهُ إنَّمَا انْعَقَدَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ الْمُغَيَّا حِينَ كَانَ كَذِبًا مَحْضًا فَلَا يَتَوَقَّفُ. بَقِيَ أَنْ يُقَالَ فَلْيَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا يَتَوَقَّفُ نِكَاحُهَا عَلَى الْإِجَازَةِ، فَإِنْ أَجَازَتْ ظَهْرَ أَنَّهُ كَانَ التَّشْبِيهَ الْمُمْتَنِعَ.
أَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَالظِّهَارُ لَيْسَ بِحَقٍّ مِنْ حُقُوقِهِ حَتَّى يَتَوَقَّفَ بِتَوَقُّفِهِ، لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ حَلَالٌ وَالظِّهَارُ حَرَامٌ فَتَنَافَيَا، بِخِلَافِ الْعِتْقِ مَعَ الْمِلْكِ فَلَا يَتَوَقَّفُ وَلَا يَثْبُتُ الظِّهَارُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ، بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ مِنْ غَاصِبِ الْعَبْدِ، لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ: يَعْنِي يَثْبُتُ بِالْمِلْكِ حَتَّى أَنْ يُعْتِقَ إذَا شَاءَ فَيَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِهِ وَيَنْفُذُ بِنَفَاذِهِ وَلَا يَثْبُتُ بِمِلْكِ النِّكَاحِ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَوْ قَالَهُ لَزِمَهُ حُكْمُهُ، فَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْغَاصِبِ عَتَقَ
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِنِسَائِهِ أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهُنَّ جَمِيعًا) بِلَا خِلَافٍ (لِأَنَّهُ أَضَافَ الظِّهَارَ إلَيْهِنَّ) فَكَانَ كَإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِنَّ يُطَلَّقْنَ جَمِيعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ؛ فَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِنَّ: أَيْ كُلُّ مَنْ أَرَادَ وَطْأَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ: كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَاحِدَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ، وَعُرْوَةُ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ اعْتَبَرُوهُ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى فِي الْإِيلَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute