للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ» وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ دَفْعُ حَاجَةِ الْيَوْمِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَيُعْتَبَرُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ مَذْهَبُنَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الزَّكَاةِ

(فَإِنْ أَعْطَى مَنًّا مِنْ بُرٍّ وَمَنَوَيْنِ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ جَازَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إذْ الْجِنْسُ مُتَّحِدٌ (وَإِنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ مِنْ ظِهَارِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ) لِأَنَّهُ اسْتِقْرَاضٌ مَعْنًى وَالْفَقِيرُ قَابِضٌ لَهُ

صَاعًا، وَأَعَانَهُ النَّاسُ حَتَّى بَلَغَ» انْتَهَى. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ كَانَ بُرًّا لِأَنَّ التَّمْرَ وَالشَّعِيرَ يَجْزِي مِنْهُ صَاعٌ.

وَقَدَّمْنَا عَنْ أَبِي دَاوُد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فِي حَدِيثِ «أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ فَإِنِّي سَأُعِينُهُ بِعَرَقٍ مِنْ تَمْرٍ، قَالَتْ امْرَأَتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أُعِينُهُ بِعَرَقٍ آخَرَ، قَالَ: أَحْسَنْتِ» قَالَ فِيهِ: وَالْعَرَقُ سِتُّونَ صَاعًا. وَأَخْرَجَ عَنْهُ أَيْضًا الْحَدِيثَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَالْعَرَقُ مِكْتَلٌ يَسَعُ ثَلَاثِينَ صَاعًا

، وَهَذَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ سِتِّينَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى مُعَاوَنَتِهَا أَيْضًا بِعَرَقٍ آخَرَ فِي الْكَفَّارَةِ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: الْعَرَقُ زِنْبِيلٌ يَأْخُذُ عُشْرُ صَاعًا، وَهَذِهِ مُعَارَضَةٌ فِي أَنَّهُ كَانَ الْمُخْرَجُ تَمْرًا أَوْ بُرًّا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الَّذِي فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ الْبَيَاضِيِّ قَالَ «فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، قَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشِيَّيْنِ مَا أَمْلِكُ لَنَا طَعَامًا، قَالَ: فَانْطَلِقْ إلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إلَيْكَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا» الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد. وَيَكْفِي مَا أَثْبَتْنَاهُ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ، إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ فِي كَمْيَّةِ الْمُخْرَجِ فِي الصَّدَقَاتِ الْوَاجِبَةِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ) وَهُوَ جِنْسُ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ، بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ مَعَ الْإِطْعَامِ، وَبِخِلَافِ إعْتَاقِهِ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ الْجِنْسَ وَإِنْ كَانَ مُتَّحِدًا لَكِنْ امْتَنَعَ الْإِجْزَاءُ فِيهِ لِمَانِعٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ وَنِصْفَا رَقَبَتَيْنِ لَيْسَا رَقَبَةً، بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ فِيهَا لَا يَمْنَعُ الْأُضْحِيَّةَ مِنْ حَيْثُ هُوَ اشْتِرَاكٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ جَوَازِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْبَدَنَةِ شَرْعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>