للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَلِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ لَهَا فِي الْوَطْءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِامْتِنَاعُ لِعِلَّةٍ مُعْتَرَضَةٍ، وَيَحْتَمِلُ لِآفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّةِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ، وَقَدَّرْنَاهَا بِالسَّنَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ.

فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُصَلِّ إلَيْهَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَجْزَ بِآفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فَفَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ، فَإِذَا امْتَنَعَ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا

غَيْرِ الْحَاكِمِ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَمَا أَجَّلَهُ بَنَى الْمُتَوَلِّي عَلَى التَّأْجِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ) أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ فَلَهَا طُرُقٌ: فَمِنْهَا طَرِيقُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الْعِنِّينِ أَنْ يُؤَجَّلَ سَنَةً، قَالَ مَعْمَرٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ التَّأْجِيلَ مِنْ يَوْمِ يُخَاصِمُ، وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى شُرَيْحٍ أَنْ يُؤَجِّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ يُرْفَعُ إلَيْهِ الْحَدِيثُ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِ أَنَّ عُمَرَ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً، زَادَ فِي لَفْظِ وَقَالَ: إنْ أَتَاهَا وَإِلَّا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا وَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْهُ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ زَوْجَهَا لَا يَصِلُ إلَيْهَا فَأَجَّلَهُ حَوْلًا، فَلَمَّا انْقَضَى حَوْلٌ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا خَيَّرَهَا فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُمَرُ وَجَعَلَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدَيْهِمَا، وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَنْهُ: يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً، فَإِنْ جَامَعَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.

وَرَوَاهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ أَجَّلَ الْعِنِّينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُمْ قَالُوا: يُؤَجَّلُ الْعِنِّينُ سَنَةً (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّةِ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ) أَيْ مَعْرِفَةٍ لِكَوْنِ الِامْتِنَاعِ لِعِلَّةٍ مُعْتَرِضَةٍ أَوْ آفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَقَدَّرْنَاهَا بِالسَّنَةِ لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ عِلَّةٍ مُعْتَرِضَةٍ فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهَا مِنْ غَلَبَةِ حَرَارَةٍ أَوْ بُرُودَةٍ أَوْ رُطُوبَةٍ أَوْ يُبُوسَةٍ، وَالسَّنَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، وَكُلُّ فَصْلٍ بِأَحَدِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ، فَالصَّيْفُ حَارٌّ يَابِسٌ، وَالْخَرِيفُ بَارِدٌ يَابِسٌ وَهُوَ أَرْدَأُ الْفُصُولِ، وَالشِّتَاءُ بَارِدٌ رَطْبٌ، وَالرَّبِيعُ حَارٌّ رَطْبٌ، فَإِنْ كَانَ مَرَضُهُ عَنْ أَحَدِ هَذِهِ تَمَّ عِلَاجُهُ فِي الْفَصْلِ الْمُضَادِّ لَهُ فِيهِ، أَوْ مِنْ كَيْفِيَّتَيْنِ فَيَتِمُّ فِي مَجْمُوعِ فَصْلَيْنِ مُضَادَّيْنِ فَكَانَتْ السَّنَةُ تَمَامَ مَا يُتَعَرَّفُ بِهِ الْحَالُ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا عَرَفَ أَنَّ ذَلِكَ بِآفَةٍ أَصْلِيَّةٍ) وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ مُوجِبَ التَّفْرِيقِ كَوْنُهُ مِنْ عِلَّةٍ أَصْلِيَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>