وَلَنَا أَنَّ فَوْتَ الِاسْتِيفَاءِ أَصْلًا بِالْمَوْتِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ فَاخْتِلَالُهُ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْلَى، وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ الثَّمَرَاتِ وَالْمُسْتَحَقُّ هُوَ التَّمَكُّنُ وَهُوَ حَاصِلٌ.
(وَإِذَا كَانَ بِالزَّوْجِ جُنُونٌ أَوْ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ فَلَا خِيَارَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ ﵀: لَهَا الْخِيَارُ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا كَمَا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، بِخِلَافِ جَانِبِهِ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِالطَّلَاقِ. وَلَهُمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخِيَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْجُبّ وَالْعُنَّةُ لِأَنَّهُمَا يُخِلَّانِ بِالْمَقْصُودِ الْمَشْرُوعِ لَهُ النِّكَاحُ، وَهَذِهِ الْعُيُوبُ غَيْرُ مُخِلَّةٍ بِهِ فَافْتَرَقَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
أَجَزْنَاهُ عَلَى عَبْدٍ وَفَرَسٍ غَيْرِ مَوْصُوفَيْنِ وَصُحِّحَ مَعَ عَدَمِ رُؤْيَةِ الْمَرْأَةِ أَصْلًا، بِخِلَافِ الْبَيْعِ عِنْدَهُ، ثُمَّ إذَا رَأَى عِنْدَنَا الْمَبِيعَ يَثْبُتُ لَهُ خِيَارٌ لِلرَّدِّ بِلَا عَيْبٍ، وَفِي النِّكَاحِ لَوْ شَرَطَ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ كَالْعُذْرَةِ وَالْجَمَالِ وَالرَّشَاقَةِ وَصِغَرِ السِّنِّ فَظَهَرَتْ ثَيِّبًا عَجُوزًا شَوْهَاءَ ذَاتَ شِقٍّ مَائِلٍ وَلُعَابٍ سَائِلٍ وَأَنْفٍ هَائِلٍ وَعَقْلٍ زَائِلٍ لَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِهِ، وَفِي الْبَيْعِ يُفْسَخُ بِدُونِ ذَلِكَ، وَلَوْ هَزْلًا بِالْبَيْعِ لَمْ يَنْفُذْ، وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِالْهَزْلِ بِهِ فَكَذَلِكَ بِالْعِلَّةِ مُقْتَضِيَةٌ.
وَعَنْ الْقِيَاسِ الثَّالِثِ بِمَنْعِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ وَهُوَ امْتِنَاعُ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لِجَوَازِ أَنْ يَطَأَ مَنْ هِيَ كَذَلِكَ وَيَتَوَصَّلَ بِالشَّقِّ وَالْقَطْعِ وَالْكَسْرِ غَايَةَ مَا فِيهِ نَفْرَةٌ طَبِيعِيَّةٌ، وَذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ الْفَسْخَ اتِّفَاقًا لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِهِ فِي ذَاتِ الْقُرُوحِ الْفَاحِشَةِ وَالْبَخَرِ الزَّائِدِ حِينَئِذٍ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ إنَّ وُجُودَ ذَلِكَ فِيهِ يُعَطِّلُ عَلَيْهَا الْمَقْصُودَ لِلْوَجْهِ الْأَخِيرِ بِخِلَافِهِ هُوَ إذَا وَجَدَهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ إزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِالطَّلَاقِ، وَوَجْهُ دَفْعِهِ وَدَفْعِ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ وَمَنْ مَعَهُ انْتَظَمَهُ دَفْعُ أَقْيِسَةِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ مَعَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ فَوَاتَ الِاسْتِيفَاءِ أَصْلًا بِالْمَوْتِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُوجِبُ الْفَسْخَ) فَاخْتِلَالُهُ بِهَذِهِ الْعُيُوبِ أَوْلَى أَنْ لَا يُوجِبَ الْفَسْخَ، وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ النِّكَاحَ مُؤَقَّتٌ بِحَيَاتِهِمَا.
(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ هَذِهِ الْعُيُوبِ لَا تُوجِبُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ مِنْ الثَّمَرَاتِ فَلَا تُرَاعَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْكَمَالِ وَالْمُسْتَحَقُّ التَّمَكُّنُ: أَيْ التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ وَهُوَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ لِمَا قُلْنَا.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا مُخِلَّانِ بِالْمَقْصُودِ) فَإِنْ قِيلَ: جَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا الِاسْتِيفَاءَ لِلْوَطْءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute