للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَعَلَى الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إذَا كَانَتْ بَالِغَةً مُسْلِمَةً الْحِدَادُ) أَمَّا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا فَلِقَوْلِهِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»

أَصْلِ وُجُوبِهَا.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَبْتُوتَةِ) يَعْنِي وَيَجِبُ بِسَبَبِ التَّزَوُّجِ عَلَى الْمَبْتُوتَةِ وَأَصْلُهُ الْمَبْتُوتُ طَلَاقُهَا، تَرَكَ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَهِيَ الْمُخْتَلِعَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً ابْتِدَاءً، وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ بِسَبَبِ غَيْرِ الزَّوْجِ مِنْ الْأَقَارِبِ وَهَلْ يُبَاحُ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي النَّوَادِرِ: لَا يَحِلُّ الْإِحْدَادُ لِمَنْ مَاتَ أَبُوهَا أَوْ أُمُّهَا أَوْ ابْنُهَا أَوْ أَخُوهَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الزَّوْجِ خَاصَّةً، قِيلَ: أَرَادَ بِذَلِكَ فِيمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ إبَاحَتِهِ لِلْمُسْلِمَاتِ عَلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَبْتُوتَاتِ يُفِيدُ نَفْيَ وُجُوبِهِ عَلَى الرَّجْعِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تُحِدَّ عَلَى قَرَابَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَهَا زَوْجٌ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا، لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا عَلَى تَرْكِهَا إذَا امْتَنَعَتْ وَهُوَ يُرِيدُهَا. وَهَذَا الْإِحْدَادُ مُبَاحٌ لَهَا لَا وَاجِبٌ عَلَيْهَا وَبِهِ يَفُوتُ حَقُّهُ.

(قَوْلُهُ فَلِقَوْلِهِ إلَخْ) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: «تُوُفِّيَ حَمِيمٌ لِأُمِّ حَبِيبَةَ فَدَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَمَسَحَتْهُ بِذِرَاعَيْهَا وَقَالَتْ: إنَّمَا أَصْنَعُ هَذَا لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» وَالْحَمِيمُ الْقَرِيبُ. وَقَدْ رُوِيَ بِلَفْظٍ آخَرَ وَوَقَعَ فِيهِ مُفَسَّرًا هَكَذَا: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ. وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ «فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى إيجَابِ الْإِحْدَادِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ نَفْيِ الْحِلِّ فَيُفِيدُ ثُبُوتَ الْحِلِّ وَلَا كَلَامَ فِيهِ.

وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ نَفْيَ حِلِّ الْإِحْدَادِ نَفْيُ الْإِحْدَادِ فَاسْتِثْنَاؤُهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ نَفْيِهِ وَهُوَ إثْبَاتُهُ فَيَصِيرُ حَاصِلُهُ لَا إحْدَادَ إلَّا مِنْ زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>