عَلَى فَوْتِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِصَوْنِهَا وَكِفَايَةُ مُؤَنِهَا، وَالْإِبَانَةُ أَقْطَعُ لَهَا مِنْ الْمَوْتِ حَتَّى كَانَ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ مَيِّتًا قَبْلَ الْإِبَانَةِ لَا بَعْدَهَا (وَالْحِدَادُ) وَيُقَالُ الْإِحْدَادُ وَهُمَا لُغَتَانِ (أَنْ تَتْرُكَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ وَالْكُحْلَ وَالدُّهْنَ الْمُطَيَّبَ وَغَيْرَ الْمُطَيَّبِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إلَّا مِنْ وَجَعٍ) وَالْمُعْتَدُّ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ إظْهَارِ التَّأَسُّفِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ دَوَاعِي الرَّغْبَةِ فِيهَا وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ عَنْ النِّكَاحِ فَتَجْتَنِبُهَا كَيْ لَا تَصِيرَ ذَرِيعَةً إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي الِاكْتِحَالِ.
وَالدُّهْنُ لَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ طِيبٍ وَفِيهِ زِينَةُ الشَّعْرِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ الْمُحْرِمُ عَنْهُ قَالَ: إلَّا مِنْ عُذْرٍ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً، وَالْمُرَادُ الدَّوَاءُ.
الْآيَةَ، الْأَسَى مَعَ الصِّيَاحِ وَالْفَرَحُ مَعَ الصِّيَاحِ، نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا (قَوْلُهُ وَالْحِدَادُ وَيُقَالُ الْإِحْدَادُ) فَمِنْ الْأَوَّلِ يُقَالُ حَدَّتْ الْمَرْأَةُ تَحُدُّ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمِنْ بَابِ ضَرَبَ أَيْضًا حِدَادٌ فَهِيَ حَادٌّ، وَمِنْ الثَّانِي يُقَالُ: أَحَدَّتْ تُحِدُّ إحْدَادًا فَهِيَ مُحِدٌّ.
(قَوْلُهُ أَنْ تَتْرُكَ الطِّيبَ) وَلَا تَحْضُرَ عَمَلَهُ وَلَا تَتَّجِرَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ إلَّا فِيهِ
(قَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ) تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَالدُّهْنُ لَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ طِيبٍ) إمَّا فِي ذَاتِهِ أَوْ فِي الْمُدْهَنِ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ طِيبِ نَفْسِهِ بِهِ وَزِينَتِهِ، وَقَدْ وَقَعَ لِلزَّيْلَعِيِّ مُخْرِجُ الْأَحَادِيثِ هُنَا وَهْمٌ. وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ لَفْظَةَ الدُّهْنِ عَطْفًا عَلَى الِاكْتِحَالِ فَقَالَ عَنْ الْمُصَنِّفِ: إنَّهُ ﷺ لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي الِاكْتِحَالِ وَالدُّهْنِ، فَخَرَّجَ حَدِيثَ مَنْعِهِ الِاكْتِحَالَ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الدُّهْنُ فَقَرِيبٌ وَهُوَ سَهْوٌ، فَإِنَّ الدُّهْنَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ لَا يَعْرَى عَنْ نَوْعِ طِيبٍ فَأَلْحَقَهُ إلْحَاقًا.
(قَوْلُهُ قَالَ: إلَّا مِنْ عُذْرٍ) لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ، وَذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute