للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّافِعِيُّ يُقَدِّرُ الْأَكْثَرَ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَالَتْهُ سَمَاعًا إذْ الْعَقْلُ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ.

(وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ يَوْمِ اشْتَرَاهَا لَزِمَهُ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ)

فِي عَامَيْنِ فَيَلْزَمُ كَوْنُ الْفَاضِلِ لِلْحَمْلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرَهُ لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الرَّضَاعِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ مَضْرُوبَةٌ بِتَمَامِهَا لِكُلٍّ مِنْ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ، غَيْرَ أَنَّ الْمُنْقِصَ قَامَ فِي أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْحَمْلُ وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ.

قُلْنَا: قَدَّمْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ يُرَادُ بِلَفْظِ الثَّلَاثِينَ فِي إطْلَاقٍ وَاحِدٍ حَقِيقَةُ ثَلَاثِينَ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ بِاعْتِبَارِ إضَافَتَيْنِ فَلَعَلَّهُ رَجَعَ إلَى الصَّحِيحِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ هُنَا وَمَوْضِعُ الِاسْتِدْلَالِ فِي الْحَقِيقَةِ مَوْرِدُهُ لَا هُوَ فَنَقَلَ بَعْضَهُ لِيُنَبِّهَ بِهِ عَلَيْهِ. وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَمَّ عُثْمَانُ بِرَجْمِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَا إنَّهَا لَوْ خَاصَمَتْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى لَخَصَمَتْكُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ وَقَالَ ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ فَلَمْ يَبْقَ لِلْحَمْلِ إلَّا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَدَرَأَ عُثْمَانُ الْحَدَّ عَنْهَا. فَالتَّمَسُّكُ بِدَرْءِ عُثْمَانَ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَةِ أَحَدٍ فَكَانَ إجْمَاعًا، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ وَمُفِيدٌ لِقَطْعِيَّةِ إرَادَةِ كَوْنِ الْمُدَّةِ بِمَجْمُوعِ الْحَمْلِ وَالْفِصَالِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّتِهِ حَيْثُ سَكَتُوا وَرَتَّبُوا الْحُكْمَ بِاعْتِبَارِهِ وَهُوَ يَبْطُلُ تَمَسُّكُهُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَا يَنْدَفِعُ بِهِ التَّنَاقُضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَاحِدَةً بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ اشْتَرَاهَا لَزِمَهُ: أَيْ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَلَفْظُ يَوْمٍ بَعْدَ مُنْذُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، وَقَيَّدْنَا بِبَعْدِ الدُّخُولِ وَوَاحِدَةٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إلَّا أَنْ تَجِيءَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ فَارَقَهَا لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهَا أَوْ بَعْدَهُ وَالطَّلَاقُ ثِنْتَانِ ثَبَتَ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجِئْ بِهِ لِأَقَلَّ بَلْ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>