للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَأَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ الْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلَوْ بِظِلِّ مِغْزَلٍ (وَأَقَلُّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾ فَبَقِيَ لِلْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ

فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِوِلَادَتِهَا قَبْلَ الِاعْتِرَافِ بِحَبَلِهَا سَابِقًا وَلَا ظُهُورَ لِحَبَلٍ حَالَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَسْتَلْزِمْ ذَلِكَ فَيَحْتَاجُ عِنْدَ إنْكَارِهِ إلَى الْحُجَّةِ.

(قَوْلُهُ وَأَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَانِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَرْبَعُ سِنِينَ، وَعَنْ اللَّيْثِ ثَلَاثُ سِنِينَ، وَعَنْ الزُّهْرِيِّ سَبْعُ سِنِينَ. وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِ عَائِشَةَ : الْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَلَوْ بِظِلِّ مِغْزَلٍ. أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ جَمِيلَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي الْحَمْلِ عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ مَا يَتَحَوَّلُ ظِلُّ عَمُودِ الْمِغْزَلِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَتْ: لَا يَكُونُ الْحَمْلُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَمِنْ جِهَتِهِ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: قُلْت لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَفِي حَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: لَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ فِي حَمْلِهَا عَلَى سَنَتَيْنِ قَدْرَ ظِلِّ مِغْزَلٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةُ صِدْقٍ وَزَوْجُهَا رَجُلُ صِدْقٍ حَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَيْ عَشْرَةَ سَنَةً كُلُّ بَطْنٍ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إلَّا سَمَاعًا، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَحْكِيِّ عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عَجْلَانَ لِأَنَّهُ بَعْدَ صِحَّةِ نِسْبَتِهِ إلَى الشَّارِعِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْخَطَأُ، بِخِلَافِ الْحِكَايَةِ فَإِنَّمَا بَعْدَ صِحَّةِ نِسْبَتِهَا إلَى مَالِكٍ وَالْمَرْأَةُ يُحْتَمَلُ خَطَؤُهَا، فَإِنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ انْقَطَعَ دَمُهَا أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَاطِعٍ فِي أَنَّ الْأَرْبَعَةَ بِتَمَامِهَا كَانَتْ حَامِلًا فِيهَا لِجَوَازِ أَنَّهَا امْتَدَّ طُهْرُهَا سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ حَبِلَتْ، وَوُجُودُ الْحَرَكَةِ مَثَلًا فِي الْبَطْنِ لَوْ وُجِدَ لَيْسَ قَاطِعًا فِي الْحَمْلِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ غَيْرَ الْوَلَدِ، وَلَقَدْ أَخْبَرَنَا عَنْ امْرَأَةٍ أَنَّهَا وَجَدَتْ ذَلِكَ مُدَّةَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْحَرَكَةِ وَانْقِطَاعِ الدَّمِ وَكِبَرِ الْبَطْنِ وَإِدْرَاكِ الطَّلْقِ فَحِينَ جَلَسَتْ الْقَابِلَةُ تَحْتَهَا أَخَذَتْ فِي الطَّلْقِ فَكُلَّمَا طُلِقَتْ اعْتَصَرَتْ مَاءً هَكَذَا شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ انْضَمَرَ بَطْنُهَا وَقَامَتْ عَنْ قَابِلَتِهَا عَنْ غَيْرِ وِلَادَةٍ. وَبِالْجُمْلَةِ مِثْلُ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ لَا يُعَارِضُ الرِّوَايَاتِ.

وَمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَثْبَتَ نَسَبَ وَلَدِ الْمَرْأَةِ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا سَنَتَيْنِ ثُمَّ قَدِمَ فَوَجَدَهَا حَامِلًا فَهَمَّ بِرَجْمِهَا، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: إنْ كَانَ لَك عَلَيْهَا سَبِيلٌ فَلَا سَبِيلَ لَك عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَلَدًا قَدْ نَبَتَتْ ثَنِيَّتَاهُ يُشْبِهُ أَبَاهُ، فَلَمَّا رَآهُ الرَّجُلُ قَالَ: وَلَدِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَإِنَّمَا هُوَ بِقِيَامِ الْفِرَاشِ وَدَعْوَى الرَّجُلِ نَسَبَهُ.

(قَوْلُهُ وَأَقَلُّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) وَلَا خِلَافَ لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾ مَعَ تَفْسِيرِ الْفِصَالِ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى بِكَوْنِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>