للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أُمٌّ فَأُمُّ الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ أُمِّ الْأَبِ وَإِنْ بَعُدَتْ) لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ تُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمَّ الْأُمِّ فَأُمُّ الْأَبِ أَوْلَى مِنْ الْأَخَوَاتِ) لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمَّهَاتِ، وَلِهَذَا تَحَرَّزَ مِيرَاثُهُنَّ السُّدُسُ وَلِأَنَّهَا أَوْفَرُ شَفَقَةً لِلْوِلَادِ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ جَدَّةٌ فَالْأَخَوَاتُ أَوْلَى مِنْ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ) لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُ الْأَبَوَيْنِ وَلِهَذَا قُدِّمْنَ فِي الْمِيرَاثِ. وَفِي رِوَايَةِ الْخَالَةِ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ لِأَبٍ لِقَوْلِهِ «الْخَالَةُ وَالِدَةٌ» وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾ أَنَّهَا كَانَتْ خَالَتَهُ (وَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ) لِأَنَّهَا أَشْفَقُ (ثُمَّ الْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ ثُمَّ الْأُخْتُ مِنْ الْأَبِ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُنَّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ (ثُمَّ الْخَالَاتُ أَوْلَى مِنْ الْعَمَّاتِ) تَرْجِيحًا لِقَرَابَةِ الْأُمِّ (وَيَنْزِلْنَ كَمَا نَزَلْنَا الْأَخَوَاتُ) مَعْنَاهُ تَرْجِيحُ ذَاتِ قَرَابَتَيْنِ ثُمَّ قَرَابَةٍ الْأُمِّ

أُمَّ الْأُمِّ تُدْلِي بِالْأُمِّ وَهِيَ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى الْأَبِ، فَمَنْ يُدْلِي بِهَا وِلَادًا أَحَقُّ مِمَّنْ يُدْلِي بِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْأُمِّ أُمٌّ فَأُمُّ الْأَبِ أَوْلَى مِمَّنْ سِوَاهَا وَإِنْ عَلَتْ.

وَعِنْدَ زُفَرَ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ أَوْ الْخَالَةُ أَوْلَى مِنْهَا. وَعَنْ مَالِكٍ الْخَالَةُ أَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ لِأَبٍ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ عَلِيًّا وَجَعْفَرَ الطَّيَّارَ وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ اخْتَصَمُوا فِي بِنْتِ حَمْزَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا هِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ زَيْدٌ: بِنْتُ أَخِي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: بِنْتُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ لِخَالَتِهَا وَقَالَ: الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْك، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَقَالَ لِزَيْدٍ: أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ فِيهِ «إنَّمَا الْخَالَةُ أُمٌّ» وَرَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ «وَأَمَّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَأَخُونَا وَمَوْلَانَا وَالْجَارِيَةُ عِنْدَ خَالَتِهَا، فَإِنَّ الْخَالَةَ وَالِدَةٌ» قُلْنَا: هَذَا كُلُّهُ تَشْبِيهٌ، فَيَحْتَمِلُ كَوْنَهُ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ أَوْ غَيْرِهِ، إلَّا أَنَّ السِّيَاقَ أَفَادَ إرَادَةَ الْأَوَّلِ فَيَبْقَى أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْحَضَانَةِ أَوْ كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ سِوَاهَا، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى الثَّانِي وَالْأَوَّلُ مُتَيَقِّنٌ فَيَثْبُتُ فَلَا يُفِيدُ الْحُكْمُ بِأَنَّهَا أَحَقُّ مِنْ أَحَدٍ بِخُصُوصِهِ أَصْلًا مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ فَيَبْقَى الْمَعْنَى الَّذِي عَنَيْنَاهُ بِلَا مُعَارِضٍ وَهُوَ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمٌّ وَلِهَذَا تَحَرَّزَ مِيرَاثُ الْأُمِّ مِنْ السُّدُسِ، وَغَلَبَةُ الشَّفَقَةِ تَتْبَعُ الْوِلَادَ ظَاهِرًا فَكَانَتْ مُقَدَّمَةً عَلَى الْأَخَوَاتِ وَالْخَالَاتِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَدَّةً سُفْلَى وَلَا عُلْيَا فَالْأَخَوَاتُ أَوْلَى مِنْ الْعَمَّاتِ وَالْخَالَاتِ لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُ الْأَبَوَيْنِ وَأُولَئِكَ بَنَاتُ الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ وَالشَّقِيقَةُ أَوْلَى مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>