الْتِزَامًا لِلْمُكْثِ فِيهِ عُرْفًا، وَهَذَا أَصَحُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا: الْوَطَنُ وَوُجُودُ النِّكَاحِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ تَفَاوُتٌ، أَمَّا إذَا تَقَارَبَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ لِلْوَالِدِ أَنْ يُطَالِعَ وَلَدَهُ وَيَبِيتَ فِي بَيْتِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْقَرْيَتَيْنِ، وَلَوْ انْتَقَلَتْ مِنْ قَرْيَةِ الْمِصْرِ إلَى الْمِصْرِ لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ حَيْثُ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْأَبِ، وَفِي عَكْسِهِ ضَرَرٌ بِالصَّغِيرِ لِتَخَلُّقِهِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ.
الْمَبِيعُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا مُطْلَقًا، فَإِنَّ فِي الْفَتَاوَى: مَنْ بَاعَ شَعِيرًا وَالشَّعِيرُ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِهِ لَا فِي مَكَانِ الْعَقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَسَلَّمَهُ فِي مَكَانِهِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، وَلَوْ تَعَيَّنَ مَكَانُ الْعَقْدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فَكَذَا حَقُّ إمْسَاكِ الْأَوْلَادِ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ مِنْ ثَمَرَاتِ النِّكَاحِ فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ الثَّمَرَاتِ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ اعْتِبَارًا لِلثَّمَرَاتِ بِالْأَحْكَامِ مِنْ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ.
(قَوْلُهُ تَفَاوُتٌ) أَيْ بُعْدٌ، وَفِي عَكْسِهِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ قَرِيبَةً إلَّا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا وَهِيَ قَرْيَتُهَا فَحِينَئِذٍ لَهَا ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. وَفِي شَرْحِ الْبَقَّالِيِّ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِحَالٍ وَقَعَ الْعَقْدُ هُنَاكَ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ. ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي الَّذِي هُوَ كَلَامُ مُحَمَّدٍ: إذَا كَانَ أَصْلُ النِّكَاحِ فِي رُسْتَاقَ وَلَهُ قُرًى مُتَفَرِّقَةٌ فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ بِهِمْ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ فَلَهَا ذَلِكَ، إنْ كَانَتْ الْقُرَى قَرِيبَةً يَنْظُرُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ يَقْطَعُهُ عَنْ أَبِيهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ يَوْمِهِ. وَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تُخْرِجُهُ مِنْ مِصْرٍ جَامِعٍ إلَى قُرًى، إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ وَقَعَ فِي تِلْكَ الْقُرَى. وَفِيهِ أَيْضًا: وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَشْتَرِيَ لِوَلَدِهَا وَتَبِيعَ وَإِنْ كَانَتْ أَحَقَّ بِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute