وَوَجْهُهُ أَنَّ كِفَايَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ تَمَامِهَا إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ (وَلَا يُفْرَضُ لِأَكْثَرَ مِنْ نَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
الطَّبِيبِ.
وَفِي الْمُحِيطِ: إذَا كَانَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَقَالَ: اُحْسُبُوا لَهَا مِنْهُ نَفَقَتَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ حَيْثُ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ وَإِنْ لَمْ يَتَقَاصَّاهُ. وَتُفْرَضُ الْكِسْوَةُ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا إذَا تَزَوَّجَهَا وَبَنَى بِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا الْكِسْوَةَ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِهَا قَبْلَ مُضِيِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْكِسْوَةُ كَالنَّفَقَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي لِيَأْمُرَهَا بِلُبْسِ الثَّوْبِ. لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ، وَإِذَا فُرِضَ لَهَا كِسْوَةُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَخَرَّقَتْ قَبْلَ مُضِيِّهَا إنْ لَبِسَتْ لُبْسًا مُعْتَادًا تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكْفِهَا فَتُجَدِّدُ لِتُبَيِّنَ خَطَأَهُ فِي التَّقْدِيرِ، وَإِنْ تَخَرَّقَتْ لِخَرْقِ اسْتِعْمَالِهَا لَا يُفْرَضُ لَهَا أُخْرَى، وَلَوْ سُرِقَتْ الْكِسْوَةُ أَوْ هَلَكَتْ النَّفَقَةُ لَا يُفْرَضُ لَهَا أُخْرَى بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ، وَلَوْ لَمْ تَلْبَسْ حَتَّى مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ تُفْرَضُ لَهَا أُخْرَى بِخِلَافِ الْمَحَارِمِ، كَذَا فِي الْأَقْضِيَةِ. وَلَوْ كَانَتْ تَلْبَسُ يَوْمًا وَتَتْرُكُ يَوْمًا تَوْفِيرًا يُجَدِّدُ لَهَا الْكِسْوَةَ إذَا فَرَغَ الْفَصْلُ، وَلَوْ لَبِسَتْ دَائِمًا وَلَمْ تَتَخَرَّقْ لَمْ يُجَدِّدْ لَهَا إذَا فَرَغَ الْفَصْلُ، وَلَوْ فَرَضَ لَهَا دَرَاهِمَ فَبَقِيَتْ كُلُّهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ أَيْضًا يُفْرَضُ وَفِي الْمَحَارِمِ لَا يُفْرَضُ. وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ يُفْرَضُ قَمِيصٌ وَمُقَنِّعَةٌ وَمِلْحَفَةٌ. وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ سَرَاوِيلَ وَجُبَّةً بِاعْتِبَارِ عُسْرَتِهِ وَيَسْرَتِهِ. ذَكَرَ الْخَصَّافُ السَّرَاوِيلَ فِي كِسْوَةِ الشِّتَاءِ دُونَ الصَّيْفِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ أَصْلًا. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: لَمْ يُوجِبْ مُحَمَّدٌ الْإِزَارَ لِأَنَّهُ لِلْخُرُوجِ وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبُوا لَهَا الْمُكَعَّبَ وَالْخُفَّ انْتَهَى.
وَقِيلَ اخْتِلَافُ عُرْفٍ وَالْعُرْفُ إيجَابُ السَّرَاوِيلِ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ لِلُبْسِهِ فِي الْبَيْتِ، فَالْقَاضِي يَنْظُرُ إلَى عُرْفِ كُلِّ قَوْمٍ فَيَفْرِضُ بِالْعُرْفِ، فَعَلَى الْمُعْسِرِ قَالَ مُحَمَّدٌ: دِرْعٌ يَهُودِيٌّ وَمِلْحَفَةٌ زَطِّيَةٌ وَخِمَارٌ سَابُورِيٌّ أَرْخَصُ مَا يَكُونُ مِمَّا يُدْفِئُهَا فِي الشِّتَاءِ، وَعَلَى الْمُوسِرِ دِرْعٌ يَهُودِيٌّ أَوْ هَرَوِيٌّ وَمِلْحَفَةٌ دِينَوَرِيَّةٌ وَخِمَارٌ إبْرَيْسَمُ وَكِسَاءٌ أَذْرَبِيجَانِيُّ، وَلَهَا فِي الصَّيْفِ دِرْعٌ سَابُورِيٌّ وَمِلْحَفَةُ كَتَّانٍ وَخِمَارٌ إبْرَيْسَمُ، فَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ الدِّرْعَ وَالْخِصَافَ وَالْقَمِيصَ وَهُمَا سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّ الْقَمِيصَ يَكُونُ مُجَيَّبًا مِنْ قِبَلِ الْكَتِفِ وَالدِّرْعَ مِنْ قِبَلِ الصَّدْرِ، وَيَجِبُ لَهَا فِي الشِّتَاءِ اللِّحَافُ وَفِرَاشُ النَّوْمِ، وَفِي كِسْوَةِ الْخَادِمِ ذَكَرُوا الْإِزَارَ وَالْخُفَّ وَالْمُكَعَّبَ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ هَذَا فِي دِيَارِهِمْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ، أَمَّا فِي دِيَارِنَا يُفْرَضُ الْمُكَعَّبُ وَيُفْرَضُ مَا تَنَامُ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا فِرَاشٌ عَلَى حِدَةٍ، وَلَا يَكْتَفِي بِفِرَاشٍ وَاحِدٍ لَهُمَا، لِأَنَّهَا قَدْ تَنْفَرِدُ فِي الْحَيْضِ وَالْمَرَضِ، وَفِي الْأَثَرِ: " فِرَاشٌ لَك وَفِرَاشٌ لِأَهْلِك وَفِرَاشٌ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ ". وَإِذَا أَرْسَلَ ثَوْبًا فَاخْتَلَفَا فَقَالَتْ هَدِيَّةٌ وَقَالَ مِنْ الْكِسْوَةِ فَالْقَوْلُ لَهُ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ أَوْ عَلَى نَفْسِ مُدَّعَاهُ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي لِلْقَضَاءِ، وَكَذَا فِي دَرَاهِمَ فَقَالَتْ هَدِيَّةٌ وَقَالَ: نَفَقَةٌ أَوْ قَالَ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَتْ نَفَقَةٌ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ قَضَاءِ الدُّيُونِ إذَا كَانَتْ مِنْ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ.
(قَوْلُهُ وَوَجْهُهُ أَنَّ كِفَايَتَهَا إلَخْ) ظَاهِرٌ مِنْ الْكِتَابِ ثُمَّ هَلْ يُرَادُ بِالْخَادِمِ مَمْلُوكُهَا أَوْ أَعَمُّ مِنْهُ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمَمْلُوكُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَا تَسْتَحِقُّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ مَنْ يَخْدُمُهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: لَوْ كَانَتْ الْمَنْكُوحَةُ أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ لِبَنَاتِ الْأَشْرَافِ، وَيُوَافِقُهُ مَا قَيَّدَ بِهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ كَلَامَ الْخَصَّافِ حَيْثُ قَالَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي: فَرَضَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الدَّقِيقِ وَالدُّهْنِ وَاللَّحْمِ وَالْإِدَامِ فَقَالَتْ: لَا أَخْبِزُ وَلَا أَعْجِنُ وَلَا أُعَالِجُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا تُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَنْ يَكْفِيهَا عَمَلَ ذَلِكَ. وَقَالَ الْفَقِيهُ: هَذَا إذَا كَانَ بِهَا عِلَّةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى الطَّبْخِ وَالْخَبْزِ أَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا، فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute