لِأَنَّ الْمَنْزِلَ مِلْكُهُ فَلَهُ حَقُّ الْمَنْعِ مِنْ دُخُولِ مِلْكِهِ (وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا وَكَلَامِهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ اخْتَارُوا) لِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الدُّخُولِ وَالْكَلَامِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُهُمْ مِنْ الْقَرَارِ وَالدَّوَامِ لِأَنَّ الْفِتْنَةَ فِي اللِّبَاثِ وَتَطْوِيلِ الْكَلَامِ، وَقِيلَ: لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْوَالِدَيْنِ وَلَا يَمْنَعُهُمَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، وَفِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَحَارِمِ التَّقْدِيرُ بِسَنَةٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
مَرَافِقَ وَغَلْقًا عَلَى حِدَةٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ بَيْتًا، وَلَوْ شَكَتْ أَنَّهُ يَضُرُّ بِهَا أَوْ يُؤْذِيهَا إنْ عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ زَجَرَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ سَأَلَ مِنْ جِيرَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِهَا أَوْ كَانُوا يَمِيلُونَ إلَيْهِ أَسْكَنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ أَخْيَارٍ يَعْتَمِدُ الْقَاضِي عَلَى خَبَرِهِمْ.
(قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ الْمَنْعُ مِنْ الْمُكَالَمَةِ (مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ) فِي الصَّحِيحِ «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ»، وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ، قَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ» وَالشِّجْنَةُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَضَمِّهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَرَابَةٌ مُشْتَبِكَةٌ كَاشْتِبَاكِ الْعُرُوقِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَعْنِي بِالشِّجْنَةِ الْوَصْلَةَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْوَالِدَيْنِ وَلَا يَمْنَعُهُمَا مِنْ الدُّخُولِ إلَيْهَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ) ظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ أَنَّ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ يَتَّصِلُ بِكُلٍّ مِنْ خُرُوجِهَا وَدُخُولِهِمَا فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى: لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبَ الْمَرْأَةَ عَلَى أَرْبَعِ خِصَالٍ، وَمَا هُوَ فِي مَعْنَى الْأَرْبَعِ تَرْكُ الزِّينَةِ وَالزَّوْجُ يُرِيدُهَا وَتَرْكُ الْإِجَابَةِ إذَا دَعَاهَا إلَى فِرَاشِهِ وَتَرْكُ الصَّلَاةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْغُسْلُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الْبَيْتِ أَمَّا مَا لَا تُمْنَعُ مِنْ زِيَارَةِ الْأَبَوَيْنِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَفِي زِيَارَةِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَحَارِمِ فِي كُلِّ سَنَةٍ. وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَبُوهَا أَوْ قَرِيبُهَا أَنْ يَجِيءَ إلَيْهَا عَلَى هَذَا الْجُمُعَةِ وَالسَّنَةِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ مُقَاتِلٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمَحْرَمَ مِنْ الزِّيَارَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ تَقْيِيدُ خُرُوجِهَا بِأَنْ لَا يَقْدِرَا عَلَى إتْيَانِهَا، فَإِنْ كَانَا يَقْدِرَانِ عَلَى إتْيَانِهَا لَا تَذْهَبُ وَهُوَ حَسَنٌ، فَإِنَّ بَعْضَ النِّسَاءِ لَا يَشُقُّ عَلَيْهَا مَعَ الْأَبِ الْخُرُوجُ وَقَدْ يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ فَتُمْنَعُ، وَقَدْ اخْتَارَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْهِمَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى نَقْلِهِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ، وَالْحَقُّ الْأَخْذُ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْت، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فِي زِيَارَتِهِمَا فِي الْحِينِ بَعْدَ الْحِينِ عَلَى قَدْرٍ مُتَعَارَفٍ، أَمَّا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَهُوَ بَعِيدٌ، فَإِنَّهُ فِي كَثْرَةِ الْخُرُوجِ فَتْحُ بَابِ الْفِتْنَةِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ شَابَّةً وَالزَّوْجُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، بِخِلَافِ خُرُوجِ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهُ أَيْسَرُ، وَلَوْ كَانَ أَبُوهَا زَمِنًا مَثَلًا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى خِدْمَتِهَا وَالزَّوْجُ يَمْنَعُهَا مِنْ تَعَاهُدِهِ فَعَلَيْهَا أَنْ تُغْضِبَهُ مُسْلِمًا كَانَ الْأَبُ أَوْ كَافِرًا.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: فَإِنْ كَانَتْ قَابِلَةً أَوْ غَسَّالَةً أَوْ كَانَ لَهَا حَقٌّ عَلَى آخَرَ أَوْ لِآخَرَ عَلَيْهَا حَقٌّ تَخْرُجُ بِالْإِذْنِ وَبِغَيْرِ الْإِذْنِ، وَالْحَجُّ عَلَى هَذَا وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ زِيَارَةِ الْأَجَانِبِ وَعِيَادَتِهِمْ وَالْوَلِيمَةِ لَا يَأْذَنُ لَهَا وَلَا تَخْرُجُ وَلَوْ أَذِنَ وَخَرَجَتْ كَانَا عَاصِيَيْنِ وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ، فَإِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَتْ لَهَا نَازِلَةٌ إنْ سَأَلَ الزَّوْجُ مَنْ الْعَالِمُ وَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَا يَسَعُهَا الْخُرُوجُ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ السُّؤَالِ يَسَعُهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهَا نَازِلَةٌ وَلَكِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ لِتَتَعَلَّمَ مَسْأَلَةً مِنْ مَسَائِلِ الْوُضُوءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute