(وَإِذَا غَابَ الرَّجُلُ وَلَهُ مَالٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَعْتَرِفُ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ فَرَضَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الْمَالِ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْغَائِبِ وَوَلَدِهِ الصِّغَارِ وَوَالِدَيْهِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ) لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالزَّوْجِيَّةِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لَهَا؛ لِأَنَّ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ حَقَّهَا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الْيَدِ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا هَاهُنَا
وَالصَّلَاةِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ يَحْفَظُ الْمَسَائِلَ وَيُذَاكِرُ مَعَهَا لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْفَظُ الْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَحْيَانًا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَسَعُهَا الْخُرُوجُ مَا لَمْ يَقَعْ لَهَا نَازِلَةٌ.
وَفِي الْفَتَاوَى فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ: الْمَرْأَةُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ مَهْرَهَا لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِي حَوَائِجِهَا وَتَزُورَ الْأَقَارِبَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ، وَلَا تُسَافِرُ مَعَ عَبْدِهَا خَصِيًّا كَانَ أَوْ فَحْلًا، وَكَذَا أَبُوهَا الْمَجُوسِيُّ وَالْمَحْرَمُ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ، بِخِلَافِ الْمُرَاهِقِ وَحْدَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَوْ اثْنَتَا عَشَرَ سَنَةً، وَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مَحْرَمًا لِامْرَأَةٍ، وَحَيْثُ أَبَحْنَا لَهَا الْخُرُوجَ فَإِنَّمَا يُبَاحُ بِشَرْطِ عَدَمِ الزِّينَةِ وَتَغْيِيرِ الْهَيْئَةِ إلَى مَا لَا يَكُونُ دَاعِيَةً إلَى نَظَرِ الرِّجَالِ وَالِاسْتِمَالَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾ وَقَوْلُ الْفَقِيهِ: وَتُمْنَعُ مِنْ الْحَمَّامِ خَالَفَهُ فِيهِ قَاضِي خَانْ.
قَالَ فِي فَصْلِ الْحَمَّامِ مِنْ فَتَاوَاهُ: دُخُولُ الْحَمَّامِ مَشْرُوعٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ جَمِيعًا خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ. رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَتَنَوَّرَ»، وَخَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ دَخَلَ حَمَّامَ حِمْصٍ، لَكِنْ إنَّمَا يُبَاحُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إنْسَانٌ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ انْتَهَى. وَعَلَى ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِنَّ مِنْ دُخُولِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُنَّ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ. وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ مِنْهَا فِي النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدْخُلُ الْحَمَّامَ إلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلُ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ» وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «الْحَمَّامُ حَرَامٌ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَرَدَّ اسْتِثْنَاءَ النُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضَةِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إلَّا بِالْإِزَارِ، وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ» وَفِي سَنَدِهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ الْإِفْرِيقِيُّ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الثِّقَاتِ، قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ، وَكَانَ يُقَوِّي أَمْرَهُ وَيَقُولُ: وَمُقَارِبُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَرَوَى عَيَّاشٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُعِينٍ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ أَيُحْتَجُّ بِهِ: يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زِيَادٍ، فَقَالَ نَعَمْ.
(قَوْلُهُ يَعْتَرِفُ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ) فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ قَوْلُهُ وَبِالنَّسَبِ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ لِأَنَّهُ رَتَّبَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الِاعْتِرَافِ قَوْلَهُ فَرَضَ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الْمَالِ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الْغَائِبِ وَوَلَدِهِ الصِّغَارِ وَوَالِدَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا عَلِمَ الْقَاضِي ذَلِكَ) أَيْ كِلَا الْأَمْرَيْنِ، أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَحَدَهُمَا احْتَاجَ فِي الْقَضَاءِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِمْ إلَى إقْرَارِ مَنْ عِنْدَهُ أَوْ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ دُونَ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَإِقْرَارُ صَاحِبِ الْيَدِ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا هُنَا) فَإِنَّهُ أَوْلَى أَنْ يُقْبَلَ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ بِثُبُوتِ حَقِّ الْأَخْذِ لَهَا مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ دَيْنًا وَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute