كَانَ يَابِسًا» وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: الْمَنِيُّ طَاهِرٌ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ.
وَقَالَ ﵊ «إنَّمَا
الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَغْسِلُهُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، فَهَذَا فِعْلُهَا.
وَأَمَّا أَنَّهُ ﷺ قَالَ لَهَا ذَلِكَ، فَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ بِعِلْمِ النَّبِيِّ ﷺ خُصُوصًا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا مَعَ الْتِفَاتِهِ ﷺ إلَى طَهَارَةِ ثَوْبِهِ وَفَحْصِهِ عَنْ حَالِهِ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ قَوْلُهَا «كُنْتُ أَغْسِلُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَيَخْرُجُ إلَى الصَّلَاةِ وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ» فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُحِسُّ بِبَلَلِ ثَوْبِهِ وَهُوَ مُوجِبُ الِالْتِفَاتِ إلَى حَالِ الثَّوْبِ وَالْفَحْصِ عَنْ خَبَرِهِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو لَهُ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَقَرَّهَا عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ طَاهِرًا لَمَنَعَهَا مِنْ إتْلَافِ الْمَاءِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ سَرَفٌ فِي الْمَاءِ إذْ لَيْسَ السَّرَفُ فِي الْمَاءِ إلَّا صَرْفُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمِنْ إتْعَابِ نَفْسِهَا فِيهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، عَلَى أَنَّ فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ ﷺ كَانَ يَغْسِلُ الْمَنِيَّ ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ» فَإِنْ حُمِلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ فَظَاهِرٌ أَوْ عَلَى مَجَازِهِ وَهُوَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ فَهُوَ فَرْعُ عِلْمِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ «إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ» فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ «أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَنَا عَلَى بِئْرٍ أَدْلُو مَاءً فِي رَكْوَةٍ قَالَ: يَا عَمَّارُ مَا تَصْنَعُ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي أَغْسِلُ ثَوْبِي مِنْ نُخَامَةٍ أَصَابَتْهُ، فَقَالَ: يَا عَمَّارُ إنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ: مِنْ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ، وَالْقَيْءِ، وَالدَّمِ، وَالْمَنِيِّ، يَا عَمَّارُ مَا نُخَامَتُكَ وَدُمُوعُ عَيْنِكَ وَالْمَاءُ الَّذِي فِي رَكْوَتِكَ إلَّا سَوَاءٌ» قَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ غَيْرُ ثَابِتِ بْنِ حَمَّادٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَهُ أَحَادِيثُ فِي أَسَانِيدِهَا الثِّقَاتُ وَهِيَ مَنَاكِيرُ وَمَقْلُوبَاتٌ. وَدُفِعَ بِأَنَّهُ وُجِدَ لَهُ مُتَابِعٌ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. رَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَبَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعِجْلِيّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهِ، فَبَطَلَ جَزْمُ الْبَيْهَقِيّ بِبُطْلَانِ الْحَدِيثِ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ سِوَى ثَابِتٍ. وَقَوْلُهُ فِي عَلِيٍّ هَذَا إنَّهُ غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِ دُفِعَ بِأَنَّ مُسْلِمًا رَوَى لَهُ مَقْرُونًا بِغَيْرِهِ، وَقَالَ الْعِجْلِيّ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَرَوَى لَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَدُوقٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ الْبَزَّارُ (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْمَنِيُّ طَاهِرٌ) تَمَسَّكَ هُوَ أَيْضًا بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمْ يَكْتَفِ بِفَرْكِهِ، وَبِمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ ﷺ «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ: إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُخَاطِ أَوْ الْبُزَاقِ، وَقَالَ: إنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَمْسَحَهُ بِخِرْقَةٍ أَوْ إذْخِرَةٍ» قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لَمْ يَرْفَعْهُ غَيْرُ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ عَنْ شَرِيكٍ الْقَاضِي، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute