للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ، أَمَّا إذَا كَانَ فَالْأَصْلُ أَنَّ نَفَقَةَ الْإِنْسَانِ فِي مَالِ نَفْسِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا.

فَصْلٌ.

وَالِاسْتِئْجَارُ هُوَ الْوُجُوبُ وَهُوَ عَامٌّ فَيَعُمُّ الْمَنْعُ الْكُلَّ إذَا ظَهَرَتْ قُدْرَتُهُنَّ وَذَلِكَ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِأَجْرٍ. وَغَايَةُ مَا يُقَالُ: إنَّ الْإِرْضَاعَ مِنْ نَفَقَتِهِ وَهِيَ عَلَى الْأَبِ لَا الْأُمِّ. وَيُدْفَعُ بِأَنَّ هَذِهِ النَّفَقَةَ أَوْجَبَهَا الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَابِ عَلَى الْأُمِّ بَعْدَ أَنْ أَوْجَبَ رِزْقَهُ لَهَا بِإِدْرَارِ الثَّدْيِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا سِوَى الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ فَأَوْجَبَ عَلَيْهَا إلْقَامُهُ ثَدْيَهَا، وَثُبُوتُ هَذَا الْإِيجَابِ بِالنَّصِّ الْمَذْكُورِ: أَعْنِي ﴿يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ﴾، وَالْحَقُّ أَنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهَا مُقَيَّدًا بِإِيجَابِ رِزْقِهَا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ﴾ فَفِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْعِدَّةِ وَهُوَ قَائِمٌ بِرِزْقِهَا وَفِيمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَا يَقُومُ بِشَيْءٍ فَتَقُومُ الْأُجْرَةُ مَقَامَهُ.

(قَوْلُهُ وَفِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا إنَّمَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ مَالٌ) وَأَطْلَقَهُ فَعَمَّ جَمِيعَ أَصْنَافِ الْمَالِ مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ حَتَّى إذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَقَطْ فَلِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَهُ وَيُنْفِقَهُ عَلَيْهِ، وَكَذَا يُعْطِي مِنْهُ أَجْرَ رَضَاعِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ إيجَابَ نَفَقَةِ أَحَدِ الْمُوسِرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ الِاحْتِبَاسُ ذَلِكَ لَهُ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ إيجَابِ نَفَقَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا مُحْتَبِسَةٌ لِغَرَضِ الْآخَرِ فَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ غَنِيَّةً، أَمَّا الْوَلَدُ فَنَفَقَتُهُ لِلْحَاجَةِ، وَبِغِنَاهُ انْدَفَعَتْ حَاجَتُهُ فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ كَنَفَقَةِ الْمَحَارِمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>