للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِمَا فَكَانَ أَوْلَى بِاسْتِحْقَاقِ نَفَقَتِهِمَا عَلَيْهِ، وَهِيَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا.

جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ. وَأَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ مِلْكًا نَاجِزًا فِي مَالِهِ. قُلْنَا: نَعَمْ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْهُ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْهَا مَرْفُوعًا «إنَّ أَوْلَادَكُمْ هِبَةٌ لَكُمْ ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾، وَأَمْوَالُهُمْ لَكُمْ إذَا احْتَجْتُمْ إلَيْهَا» وَمِمَّا يَقْطَعُ بِأَنَّ مُؤَوَّلَ أَنَّهُ تَعَالَى وَرَّثَ الْأَبَ مِنْ ابْنِهِ السُّدُسَ مَعَ وَلَدِ وَلَدِهِ؛ فَلَوْ كَانَ الْكُلُّ مِلْكَهُ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ شَيْءٌ مَعَ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّفَقَةَ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ أَثْلَاثًا عَلَى الذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ قِيَاسًا عَلَى نَفَقَةِ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. وَالْحَقُّ الِاسْتِوَاءُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْوِلَادِ وَهُوَ يَشْمَلُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْوِلَادِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عُلِّقَ فِيهِ بِالْإِرْثِ، وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الْوِلَادِ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَلَا تَوَارُثَ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُعْسِرًا وَهُمَا مُوسِرَانِ فَلَا نَفَقَةَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ وَيَجِبُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِابْنُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ مَعَ اعْتِبَارِهِ أَوْ لَا فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ بَيْنَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَالْحَلْوَانِيِّ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: إذَا كَانَ الْأَبُ زَمِنًا وَكَسْبُ الِابْنِ لَا يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَضُمَّ الْأَبَ إلَيْهِ كَيْ لَا يَضِيعَ وَلَا يَخْشَى بِذَلِكَ الْهَلَاكَ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَهْلَكُ عَلَى نِصْفِ بَطْنِهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُو تَعِفُّوا

وَفِي الْفَتَاوَى: يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>