(وَالنَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً بَالِغَةً فَقِيرَةً أَوْ كَانَ ذَكَرًا بَالِغًا فَقِيرًا زَمِنًا أَوْ أَعْمَى) لِأَنَّ الصِّلَةَ فِي الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَاجِبَةٌ دُونَ الْبَعِيدَةِ، وَالْفَاصِلُ أَنْ يَكُونَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ " وَعَلَى الْوَارِثِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِثْلُ ذَلِكَ " ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاجَةِ
زَوْجَةِ ابْنِهِ. وَفِي نَفَقَاتِ الْحَلْوَانِيِّ قَالَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ كَمَا قُلْنَا، وَفِي رِوَايَةٍ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ إذَا كَانَ الْأَبُ مَرِيضًا أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ يَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا فَلَا. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ، فَإِنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْقُرْبُ بَعْدَ الْجُزْئِيَّةِ دُونَ الْمِيرَاثِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَإِنْ سَفُلَتْ أَوْ ابْنُ بِنْتٍ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى بِنْتِ الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَ مِيرَاثُهُ لِأَخِيهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَمَوْلَى عَتَاقَةٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَإِذَا كَانَ لِلْفَقِيهِ وَلَدٌ وَابْنُ ابْنٍ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَعَلَى الْبِنْتِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا لِقُرْبِ الْبِنْتِ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَتَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا بِمُرَجِّحٍ وَهُمَا وَارِثَانِ. وَإِذَا كَانَ لَهُ وَلَدُ ابْنٍ وَوَلَدُ بِنْتٍ فَهُمَا سَوَاءٌ فِي النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ الْإِرْثُ لِوَلَدِ الِابْنِ، وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا وَالْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَالِدٌ وَوَلَدٌ فَهِيَ عَلَى الْوَلَدِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَيَتَرَجَّحُ الْوَلَدُ بِاعْتِبَارِ التَّأْوِيلِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ، الْكُلُّ مِنْ الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الِابْنُ هُوَ غَنِيٌّ وَلَيْسَ عَلَيَّ نَفَقَتُهُ وَقَالَ الْأَبُ أَنَا مُعْسِرٌ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنَّ الْقَوْلَ لِلْأَبِ وَالْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الِابْنِ.
(قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) أَيْ وَاجِبَةٌ يُجْبَرُ عَلَيْهَا فَهُوَ مِنْ حَذْفِ الْخَبَرِ لِقَرِينَةٍ لَا مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْجَارِ وَالْمَجْرُورِ نَائِبَيْنِ عَنْ الْخَبَرِ لِوُجُوبِ تَعَلُّقِهِمَا بِالْكَوْنِ الْمُطْلَقِ وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ هُنَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: عَلَى كُلِّ وَارِثٍ مَحْرَمًا كَانَ أَوْ لَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجِبُ لِغَيْرِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ. وَجْهُهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْإِشَارَةَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ﴾ لِنَفْيِ الْمُضَارَّةِ لَا لِإِيجَابِ النَّفَقَةِ، فَلَا يَبْقَى دَلِيلًا عَلَى إيجَابِ النَّفَقَةِ فَيَبْقَى عَلَى الْعَدَمِ لِعَدَمِ دَلِيلِهَا الشَّرْعِيِّ. قُلْنَا: نَفْيُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute