للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ. وَالْمَكَاتِبُ إذَا اشْتَرَى أَخَاهُ وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُ لَا يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِلْكٌ تَامٌّ يُقْدِرُهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَالِافْتِرَاضِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، بِخِلَافِ الْوِلَادِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ مِنْ مَقَاصِدِ الْكِتَابَةِ فَامْتَنَعَ الْبَيْعُ فَيَعْتِقُ تَحْقِيقًا لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَى الْأَخِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا قُلْنَا أَنْ نَمْنَعَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَ ابْنَةَ عَمِّهِ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَا ثَبَتَتْ بِالْقَرَابَةِ وَالصَّبِيُّ جُعِلَ أَهْلًا لِهَذَا الْعِتْقِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ حَتَّى عَتَقَ الْقَرِيبُ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ

أَلْزَمَ بِهِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ خِلَافُهُ وَكَأَنَّهُ ثَابِتٌ اتِّفَاقًا، وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَثْبُتْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِثِقَةِ الرُّوَاةِ وَلَيْسَ فِيهِ سِوَى الِانْفِرَادِ بِالرَّفْعِ، وَهُوَ غَيْرُ قَادِحٍ لِأَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ يَصِلُ وَكَثِيرًا مَا يُرْسِلُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ وَاسِطَةٍ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ عَيَّنَ الْوَاسِطَةَ مَرَّةً وَتَرَكَ أُخْرَى، وَلَوْ كَانَ مُرْسَلًا كَانَ مِنْ الْمُرْسَلِ الْمَقْبُولِ.

أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَهُوَ قَوْلُنَا وَقَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فَيُقْبَلُ بِلَا شَرْطٍ بَعْدَ صِحَّةِ السَّنَدِ وَقَدْ عُلِمَتْ صِحَّتُهُ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَيُقْبَلُ إذَا عَمِلَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى وَفْقِهِ، وَأَنْتَ سَمِعْت أَنَّ الثَّابِتَ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ غَيْرِهِمْ خِلَافُهُمْ، فَثَبَتَ بِهَذَا مُشَارَكَةُ هَذِهِ الْقَرَابَةِ لِلْوِلَادِ فِي هَذَا الْحُكْمِ، فَإِنْ شَارَكُوا غَيْرَ الْمَحَارِمِ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُعَارِضُهُ اعْتِبَارُهُمْ بِهِمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إلْحَاقٌ بِالْأَشْبَهِيَّةِ وَلَا أَثَرَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا عِنْدَهُ فَالْمَعْنَى الَّذِي ظَهَرَ أَثَرُهُ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ أَوْلَى مِنْهُ فَكَيْفَ مَعَ النَّصِّ عَلَى نَفْسِ حُكْمِ الْفَرْعِ. (قَوْلُهُ وَالِافْتِرَاضُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ)

جَوَابٌ عَنْ اعْتِبَارِهِ لِعَدَمِ التَّكَاتُبِ فَقَالَ عَلَيْهِ الْعِلَّةُ الَّتِي عَيَّنَهَا الشَّرْعُ افْتِرَاضُ الْوَصْلِ، وَالِافْتِرَاضُ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ قَائِمَةٌ بِالْحُرِّ وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِعْتَاقِ، وَالْكِتَابَةُ نَوْعُ إعْتَاقٍ فَلَيْسَ كِتَابَةُ غَيْرِ الْوِلَادِ مِمَّا تَنْتَظِمُ كِتَابَتُهُ، بِخِلَافِ كِتَابَةِ الْوِلَادِ فَإِنَّهُ لِكَوْنِ الْجُزْئِيَّةِ قَائِمَةً يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَرِدُ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، عَلَى أَنَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَى الْأَخِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَالزَّكَاةِ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِهِمَا فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ نَفْسِهِ وَشَهَادَةٌ لَهَا مِنْ وَجْهٍ، وَهَذَا الْمَانِعُ مُنْتَفٍ فِي غَيْرِ الْوِلَادِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ وَهِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>