للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَشَابَهَ النَّفَقَةَ.

(وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلشَّيْطَانِ أَوْ لِلصَّنَمِ عَتَقَ) لِوُجُودِ رُكْنِ الْإِعْتَاقِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ وَوَصْفُ الْقُرْبَةِ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ زِيَادَةٌ فَلَا يَخْتَلُّ الْعِتْقُ بِعَدَمِهِ فِي اللَّفْظَيْنِ الْآخَرَيْنِ.

(وَعِتْقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ وَاقِعٌ) لِصُدُورِ الرُّكْنِ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ.

(وَإِنْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى مِلْكٍ أَوْ شَرْطٍ صَحَّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ) أَمَّا الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ فَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ فَلِأَنَّهُ إسْقَاطٌ

الْقَرَابَةُ الْمَحْرَمِيَّةُ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَنَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَلَوْ مَلَكَ قَرِيبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمَ قَرِيبَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَعْتِقُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي الْإِيضَاحِ. وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ عِتْقُ الْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ قَرِيبَهُ بَاطِلٌ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا.

أَمَّا إذَا أَعْتَقَهُ وَخَلَّاهُ قَالَ فِي الْمُخْتَلِفِ: يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَقَالَ: لَا وَلَاءَ لَهُ، لَكِنَّ عِتْقَهُ بِالتَّخْلِيَةِ لَا بِالْإِعْتَاقِ فَهُوَ كَالْمُرَاغَمِ ثُمَّ قَالَ: الْمُسْلِمُ إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ ثَمَّةَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَعْتِقَ بِدُونِ التَّخْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ: يَعْتِقُ مِنْ غَيْرِ تَخْلِيَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ. وَلَا وَلَاءَ لَهُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهُ الْوَلَاءُ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ، وَعَلَى هَذَا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْإِيضَاحِ أَنْ يُرَادَ بِالْمُسْلِمِ ثَمَّةَ الَّذِي نَشَأَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَهُنَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ هُنَاكَ بَعْدَ أَنْ كَانَ هُنَا فَلِذَا لَمْ تَنْقَطِعْ عَنْهُ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مَنُوطَةٌ بِعِلَّةِ الْقَرَابَةِ الْمُورِثَةِ بِالنَّصِّ، فَلَمْ يَجِبْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ.

(قَوْلُهُ وَعِتْقُ الْمُكْرَهِ وَالسَّكْرَانِ وَاقِعٌ) فِي الْمُكْرَهِ خِلَافَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَالْإِكْرَاهُ لَا يُزِيلُ إلَّا الرِّضَا وَالْعِتْقُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، وَلِذَا جَازَ عِتْقُ الْهَازِلِ. وَفِي السَّكْرَانِ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْوُقُوعِ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَهُمْ وَتَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ) كَمَا يَقُولُ: إنْ مَلَكْتُك أَوْ مَلَكْت عَبْدًا وَنَحْوَهُ فَهُوَ حُرٌّ (فَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ) أَيْ وَحْدَهُ، فَإِنَّ مَالِكًا يُوَافِقُنَا فِيهِ وَكَذَا عَنْ أَحْمَدَ. وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ إذْ لَمْ يُجَوِّزْ إضَافَتَهُ إلَى الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ. وَعِنْدَنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>