للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُجْرَى فِيهِ التَّعْلِيقُ بِخِلَافِ التَّمْلِيكَاتِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.

(وَإِذَا خَرَجَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ إلَيْنَا مُسْلِمًا عَتَقَ) «لِقَوْلِهِ فِي عَبِيدِ الطَّائِفِ حِينَ خَرَجُوا إلَيْهِ مُسْلِمِينَ هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ تَعَالَى»

الْمُصَحَّحُ مُطَّرِدٌ فِيهِمَا عَلَى مَا عُرِفَ فَلَمْ يَفْتَرِقَا فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَيَجْرِي فِيهِ التَّعْلِيقُ) لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ ، إنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْوُقُوعِ بَقَاءُ الْمِلْكِ مِنْ حِينِ التَّعْلِيقِ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ؛ فَعِنْدَنَا زَوَالُ الْمِلْكِ فِيمَا بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَوُجُودِ الشَّرْطِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ وَعِنْدَهُ يُبْطِلُهُ، وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى انْعِقَادِ الْمُعَلَّقِ سَبَبًا فِي الْحَالِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَنَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا خَرَجَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ إلَيْنَا مُسْلِمًا عَتَقَ) سَوَاءٌ خَرَجَ سَيِّدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْلِمًا أَوْ لَا. وَقُيِّدَ بِالْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَعْتِقْ، وَبِقَوْلِنَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا خَرَجَ سَيِّدُهُ مُسْلِمًا يُرَدُّ إلَيْهِ. وَعِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ: إذَا أَسْلَمَ عَتَقَ خَرَجَ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ.

وَأَوْرَدَ ابْنُ حَزْمٍ عَلَيْهِ أَنَّ سَلْمَانَ أَسْلَمَ وَسَيِّدُهُ كَافِرٌ وَلَمْ يَعْتِقْ بِذَلِكَ. ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّا لَمْ نَقُلْ بِهَذَا إلَّا لِعِتْقِ رَسُولِ اللَّهِ مَنْ خَرَجَ إلَيْهِ مُسْلِمًا مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الطَّائِفِ وَهِيَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ بِدَهْرٍ. وَبِدَعْوَى نَسْخِ تَمَلُّكِ الْكَافِرِ لِلْمُؤْمِنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا﴾ وَلَا شَكَّ فِي اتِّجَاهِ الْإِيرَادِ وَهُوَ مِمَّا يَصْلُحُ دَلِيلًا لَنَا.

وَفِي الْجَوَابِ مَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ فِي عَبِيدِ الطَّائِفِ) أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَادِ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ عَلِيٍّ وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُد قَالَ: «خَرَجَ عِبْدَانُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ إلَى النَّبِيِّ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ الصُّلْحِ، فَقَالَ مَوَالِيهِمْ: يَا مُحَمَّدُ وَاَللَّهِ مَا خَرَجُوا رَغْبَةً فِي دِينِكَ وَإِنَّمَا خَرَجُوا هَرَبًا مِنْ الرِّقِّ، فَقَالَ نَاسٌ: صَدَقُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رُدَّهُمْ إلَيْهِمْ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ: مَا أَرَاكُمْ تَنْتَهُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ مَنْ يَضْرِبُ رِقَابَكُمْ عَلَى هَذَا، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّهُمْ إلَيْهِمْ وَقَالَ: هُمْ عُتَقَاءُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ مِنْ كِتَابِ الْمَغَازِي جَمَاعَةً مِنْ الْعَبِيدِ خَرَجُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ عَدَّهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا أَبُو بَكْرَةَ وَوَرْدَانُ وَالْمُنْبَعِثُ وَالْأَزْرَقُ وَمُحْسِنُ النِّبَالُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ جَابِرٍ وَيَسَارٌ وَنَافِعٌ وَمَرْزُوقٌ، كُلُّ هَؤُلَاءِ أَعْتَقَهُمْ ، فَلَمَّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ تَكَلَّمُوا فِي هَؤُلَاءِ أَنْ يُرَدُّوا إلَى الرِّقِّ، فَقَالَ " أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللَّهِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِمْ " وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ «أَنَّهُ خَرَجَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ وَهُوَ مُحَاصِرٌ أَهْلَ الطَّائِفِ بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ، فَهُمْ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمْ الْعُتَقَاءُ». وَفِي مَرَاسِيلِ أَبِي دَاوُد: «فَلَمَّا أَسْلَمَ مَوَالِيهِمْ رَدَّ النَّبِيُّ الْوَلَاءَ إلَيْهِمْ» وَفِيهِ مَجْهُولٌ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مُرْسَلًا وَقَالَ «ثُمَّ وَفَدَ أَهْلُ الطَّائِفِ فَأَسْلَمُوا وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ رُدَّ عَلَيْنَا رَقِيقَنَا الَّذِينَ أَتَوْكَ فَقَالَ: لَا، أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللَّهِ وَرَدَّ إلَى كُلِّ رَجُلٍ وَلَاءَ عَبْدِهِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>