للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَا اسْتِرْقَاقَ عَلَى الْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً.

(وَإِنْ أَعْتَقَ حَامِلًا عَتَقَ حَمْلُهَا تَبَعًا لَهَا) إذْ هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا (وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ خَاصَّةً عَتَقَ دُونَهَا) لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى إعْتَاقِهَا مَقْصُودًا لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَيْهَا وَلَا إلَيْهِ تَبَعًا لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْمَوْضُوعِ، ثُمَّ إعْتَاقُ الْحَمْلِ صَحِيحٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ نَفْسَهُ شَرْطٌ فِي الْهِبَةِ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْجَنِينِ وَشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِعْتَاقِ فَافْتَرَقَا.

(وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ عَلَى مَالٍ صَحَّ) وَلَا يَجِبُ الْمَالُ إذْ لَا وَجْهَ إلَى إلْزَامِ الْمَالِ عَلَى الْجَنِينِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ، وَلَا إلَى إلْزَامِهِ الْأُمَّ لِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْعِتْقِ نَفْسٌ عَلَى حِدَةٍ، وَاشْتِرَاطُ بَدَلِ الْعِتْقِ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتِقِ لَا يَجُوزُ

قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) احْتِرَازٌ عَنْ بَقَاءِ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَبْقَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِطَرِيقِهِ.

(قَوْلُهُ عَتَقَ حَمْلَهَا) بِإِجْمَاعِ الْأَرْبَعَةِ، وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ لَا يَصِحُّ كَاسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مِنْهَا خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَعَطَاءٍ وَابْنِ سِيرِينَ، وَقَوْلُهُمْ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إذَا خَرَجَ أَكْثَرُ الْوَلَدِ فَأَعْتَقْت لَا يَعْتِقُ هُوَ لِأَنَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ حَتَّى تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ. وَلَوْ مَاتَ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَرِثَ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ خُرُوجِ الْأَكْثَرِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ إعْتَاقُ الْحَمْلِ صَحِيحٌ) عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ عِتْقَ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ بَلْ قَبْلَهُ وَتَعْتِقُ أُمُّهُ تَبَعًا لَهُ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ إذَا عَتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا وَيَجُوزُ هِبَتُهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ مَا فِي بَطْنِهَا عِنْدَ بَيْعِهَا لَا يَجُوزُ قَصْدًا فَكَذَا حُكْمًا بِخِلَافِ الْهِبَةِ.

(قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْمَوْضُوعِ) وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُ أُمِّ الْوَلَدِ الْعِتْقَ بِوَلَدِهَا ثُمَّ عِتْقُهَا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ بِذَلِكَ السَّبَبِ فَبِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يُرَدُّ نَقْضًا لَوْ كَانَ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ تَبَعًا لِعِتْقِ ابْنِهَا بِالنَّصِّ وَهُوَ مُنْتَفٍ إذْ هُوَ فَرْعُ عِتْقِهِ وَهُوَ فَرْعُ سَابِقِيَّةِ رِقِّهِ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُعَلِّقُ حُرًّا فَلَا يُرَدُّ نَقْضًا أَصْلًا لِيَحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّهُ خَرَجَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَسَنَذْكُرُ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ أَعْتَقَهُ.

(قَوْلُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّسْلِيمِ فَلِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْآبِقِ وَيَجُوزُ عِتْقُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>