عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ قِيَامُ الْحَبَلِ وَقْتَ الْعِتْقِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ، لِأَنَّهُ أَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ.
قَالَ (وَوَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ مَوْلَاهَا حُرٌّ) لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ مَائِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَلَا مُعَارِضَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ لِمَوْلَاهَا.
(وَوَلَدُهَا مِنْ زَوْجِهَا مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا) لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْأُمِّ بِاعْتِبَارِ الْحَضَانَةِ
قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ) الْحَوَالَةُ غَيْرُ رَائِجَةٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَالْخُلْعِ حَيْثُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُ بَدَلِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَنَّ الْعِتْقَ عَلَى مَالِ مُعَاوَضَةٍ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْعَبْدُ بِهِ نَفْسَهُ وَتَحْدُثُ لَهَا الْقُوَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَذَلِكَ أَيْ شَيْءٌ نَفِيسٌ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْعِوَضِ إلَّا عَلَى مَنْ يُسَلَّمُ لَهُ الْمُعَوَّضُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا لَا تَحْدُثُ لَهَا قُوَّةٌ بِهِ وَلَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ ثَابِتًا لَهَا قَبْلَهُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِذَا جَازَ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهَا جَازَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَنِينِ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ، فَلِذَا لَوْ قَالَ لِلْأَمَةِ أَعْتَقْتُ مَا فِي بَطْنِك عَلَى أَلْفٍ عَلَيْك فَقَبِلَتْ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ عَتَقَ بِلَا شَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى أَمَتِهِ شَيْءٌ بِسَبَبِ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ، فَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْهُ لَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَمْلُهَا تَوْأَمَيْنِ جَاءَتْ بِأَوَّلِهِمَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ جَاءَتْ بِالثَّانِي لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَمَةُ مُعْتَدَّةً عَنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ، وَإِنْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ حِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ كَانَ مَحْكُومًا بِوُجُودِهِ حِينَ أَعْتَقَهُ حَتَّى ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَعَلَى هَذَا فَرْعُ مَا لَوْ قَالَ مَا فِي بَطْنِك حُرٌّ ثُمَّ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، إنْ ضَرَبَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تَجِبُ دِيَةُ الْجَنِينِ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ حُرٌّ لِأَنَّهُ حُرٌّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَكُونُ لِعُصْبَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّ الْمَوْلَى قَاتِلٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ، وَإِنْ ضَرَبَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ كَذَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ) التَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَعْلَقُ حُرًّا لَا أَنَّهُ يَعْلَقُ مَمْلُوكًا ثُمَّ يَعْتِقُ كَمَا يَقْتَضِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute