. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ جَازَ، وَلَوْ كَانَ السَّاكِتُ صَبِيًّا وَالْمُعْتِقُ مُوسِرًا فَالْخِيَارُ بَيْنَ التَّضْمِينِ وَالسِّعَايَةِ لِوَلِيِّهِ، وَالتَّضْمِينُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْظَرُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ لِيَخْتَارَ. قِيلَ هَذَا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ قَاضٍ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ قَاضٍ نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ قَيِّمًا لِيَخْتَارَ التَّضْمِينَ أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ اخْتِيَارُ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَالِ الصَّبِيِّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الصَّبِيِّ مُكَاتَبٌ أَوْ عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَيْسَ لَهُمَا إلَّا التَّضْمِينُ أَوْ الِاسْتِسْعَاءُ، أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُكَاتَبَ وَالِاسْتِسْعَاءُ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ التَّضْمِينِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابَةِ وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ أَنْ يُكَاتَبَ، وَلَكِنْ قَالَ: سَبَبُ الِاسْتِسْعَاءِ قَدْ تَقَرَّرَ وَهُوَ عِتْقُ الشَّرِيكِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ، وَرُبَّمَا يَكُونُ الِاسْتِسْعَاءُ أَنْفَعُ مِنْ التَّضْمِينِ فَلِهَذَا مَلَكَ الْمَأْذُونُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ الْكِتَابَةَ ابْتِدَاءً.
وَإِذَا اخْتَارَ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمَأْذُونُ التَّضْمِينَ أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ فَوَلَاءُ نَصِيبِهِمَا لِمَوْلَاهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ فَيَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِمَا وَهُوَ الْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَالْخِيَارُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ كَسْبَهُ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَتَقْدِيرُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ، فَلَوْ كَانَ فِيهِ صَحِيحًا ثُمَّ عَمِيَ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ صَحِيحًا، وَقَلْبُهُ لَوْ كَانَ أَعْمَى يَوْمَ الْعِتْقِ فَانْجَلَى بَيَاضُ عَيْنَيْهِ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ أَعْمَى لِأَنَّهُ حَالُ ثُبُوتِ سَبَبِ الضَّمَانِ، وَكَذَا يُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَالْإِعْسَارُ وَقْتَ الْعِتْقِ، فَلَوْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْعِتْقِ فَأَعْسَرَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَأَيْسَرَ لَا ضَمَانَ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا نَظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ ظَهَرَ الْعِتْقُ حَتَّى إذَا لَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى الْعِتْقِ فِيمَا مَضَى يُقَوَّمُ لِلْحَالِ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَادِثٌ فَيُحَالُ عَلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِ ظُهُورِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْعَبْدَ، وَلَوْ تَصَادَقُوا عَلَى وَقْتِ الْعِتْقِ وَاخْتَلَفُوا فِي قِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ كَالْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَيُنْكِرُ الزِّيَادَةَ.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَقَالَ الْمُعْتِقُ: أَعْتَقْتُ وَأَنَا مُعْسِرٌ وَقَالَ الشَّرِيكُ بَلْ وَأَنْتَ مُوسِرٌ، نُظِرَ إلَى حَالِهِ يَوْمَ ظَهَرَ الْعِتْقُ إمَّا لِأَنَّهُ كَالْمُنْشِئِ لِلْعِتْقِ فِي الْحَالِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا مَضَى يَحْكُمُ الْحَالُ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ مُوسِرًا فَالظَّاهِرُ شَاهِدٌ لِمَنْ يَدَّعِي الْيَسَارَ فِيمَا مَضَى، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ شَاهِدٌ لِمَنْ يَدَّعِي الْعُسْرَةَ فِيمَا مَضَى، وَهُوَ كَالْمُسْتَأْجَرِ مَعَ رَبِّ الطَّاحُونَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ الْمَاءِ فِي الْمُدَّةِ يَحْكُمُ الْحَالُ.
وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ كَانَ سَابِقًا عَلَيْهِ فِي مُدَّةٍ يَخْتَلِفُ حَالُهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْتِقِ فِي إنْكَارِ يَسَارِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ، وَإِذَا كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَهُ فَاخْتَارَ الشَّرِيكُ ضَمَانَهُ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُبَرِّئَهُ وَيَسْتَسْعِيَ الْغُلَامَ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ.
وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ قَضَى الْقَاضِي لَهُ بِالضَّمَانِ أَوْ رَضِيَ بِهِ الْمُعْتِقُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْغُلَامَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَهُ. قِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ مِنْ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ التَّفْصِيلِ، وَقِيلَ بَلْ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَلَوْ مَاتَ السَّاكِتُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ شَيْئًا فَلِوَرَثَتِهِ مِنْ الْخِيَارِ مَا كَانَ لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ هَذَا تَوْرِيثَ الْخِيَارِ بَلْ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَ الْخِيَارَ لِلْمُوَرِّثِ ثَابِتٌ لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ شَاءُوا أَعْتَقُوا وَإِنْ شَاءُوا اسْتَسْعَوْا الْعَبْدَ وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمُعْتَقَ، فَإِنْ ضَمَّنُوهُ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ إلَيْهِمْ يَمْلِكُ نَصِيبَهُمْ كَمَا كَانَ يَتَمَلَّكُ بِالْأَدَاءِ إلَى الْمُوَرِّثِ، وَإِنْ اخْتَارُوا الْإِعْتَاقَ أَوْ الِاسْتِسْعَاءَ فَالْوَلَاءُ فِي هَذَا النَّصِيبِ لِلذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ دُونَ الْإِنَاثِ لِأَنَّ مُعْتَقَ الْبَعْضِ كَالْمُكَاتَبِ، وَالْمُكَاتَبُ لَا يُورَثُ عَيْنُهُ وَإِنَّمَا يُورَثُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute