للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبِهِ وَهُوَ يَتَبَرَّأُ عَنْهُ فَيَبْقَى مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا.

(وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ غَدًا فَهُوَ حُرٌّ، وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ دَخَلَ فَهُوَ حُرٌّ فَمَضَى الْغَدُ وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ أَمْ لَا عَتَقَ النِّصْفُ وَسَعَى لَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ) لِأَنَّ الْمُقْضَى عَلَيْهِ بِسُقُوطِ السِّعَايَةِ مَجْهُولٌ، وَلَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْهُولِ

أَيْ يُثْبِتُهُ (لِصَاحِبِهِ) حَيْثُ ادَّعَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ وَالْعِتْقُ لَا يَتَجَزَّأُ: أَيْ لَا يَثْبُتُ بِهِ إلَّا مَا لَا يَتَجَزَّأُ أَصْلًا مِنْ زَوَالِ الرِّقِّ (وَهُوَ) أَيْ صَاحِبُهُ (يَتَبَرَّأُ عَنْهُ فَيَبْقَى مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا) فَلَوْ لَمْ يَتَّفِقَا حَتَّى مَاتَ وَجَبَ أَنْ يَأْخُذَهُ بَيْتُ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ) فِي عَبْدٍ (إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ) يَعْنِي الْعَبْدَ (الدَّارَ غَدًا فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْآخَرُ: إنْ دَخَلَهَا غَدًا فَهُوَ حُرٌّ، فَمَضَى الْغَدُ وَلَا يُدْرَى أَدَخَلَ أَمْ لَا عَتَقَ النِّصْفُ وَسَعَى لَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ) بَيْنَهُمَا (وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ) عَلَى تَفْصِيلٍ يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْعَى فِي النِّصْفِ لَهُمَا إذَا كَانَا مُعْسِرَيْنِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا يَسْعَى فِي الرُّبْعِ لِلْمُوسِرِ، وَلَوْ كَانَا مُوسِرَيْنِ لَا يَسْعَى لِأَحَدٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَيَتَأَتَّى التَّفْرِيعُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ أَوْ لَا يَمْنَعُهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي سَبَقَ، فَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا النِّصْفُ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ) لَهُمَا إنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ، وَبِنِصْفِهِ لِلْمُوسِرِ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا، وَلَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، وَهَذِهِ عَلَى وِزَانِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَعْنِي إقْرَارَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ، وَهُنَاكَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا وَالْآخَرُ مُوسِرًا لَا يَسْعَى إلَّا لِلْمُوسِرِ، فَكَذَا هَذَا، وَهَذَا لِأَنَّ الَّذِي يَأْخُذُ السِّعَايَةَ أَبَدًا يَكُونُ هُوَ السَّاكِتُ وَالْآخَرُ مُعْتِقٌ، فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَإِنَّهُ يَتَبَرَّأُ مِنْ تَضْمِينِ الْمُعْسِرِ فَيَأْخُذُ السِّعَايَةَ وَعَلَى إنْزَالِ الْمُعْسِرِ هُوَ السَّاكِتُ فَزَعْمُهُ أَنْ لَا سِعَايَةَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي تَضْمِينِ الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ وَتَضْمِينُهُ مُتَعَذِّرٌ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ جِهَتِهِ بِمُبَاشَرَةِ شَرْطِهِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْآخَرِ فَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَى شَيْءٍ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَإِنَّ كُلًّا يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ تَضْمِينُ الْآخَرِ لَيْسَ غَيْرُ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ فَلَا تَضْمِينَ وَلَا سِعَايَةَ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِسُقُوطِ السِّعَايَةِ مَجْهُولٌ) وَهُوَ الَّذِي تَحَقَّقَ شَرْطُهُ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ عِتْقُ الْعَبْدِ (وَلَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْهُولِ) وَلَا التَّوْزِيعُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَقَعْ شَرْطُهُ وَلَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِعْطَائِهِ لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ شَرْطُهُ وَعَتَقَ مِنْ جِهَتِهِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>