للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ صَدَقَ كَانَتْ الْخِدْمَةُ كُلُّهَا لِلْمُنْكِرِ، وَلَوْ كَذَبَ كَانَ لَهُ نِصْفُ الْخِدْمَةِ فَيَثْبُتُ مَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ وَهُوَ النِّصْفُ، وَلَا خِدْمَةَ لِلشَّرِيكِ الشَّاهِدِ وَلَا اسْتِسْعَاءَ لِأَنَّهُ يَتَبَرَّأُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بِدَعْوَى الِاسْتِيلَادِ وَالضَّمَانِ، وَالْإِقْرَارُ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ وَهُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُقِرُّ كَالْمُسْتَوْلِدِ.

(وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا) لِأَنَّ مَالِيَّةَ أُمِّ الْوَلَدِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَهُ وَمُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُبْتَنَى عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ أَوْرَدْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى.

مِنْهُ وَيَدَّعِي أَنَّ حَقَّهُ فِي تَضْمِينِ الْمُنْكِرِ لِدَعْوَاهُ الِاسْتِيلَادَ فَصَارَتْ كَأُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ لَمَّا امْتَنَعَ بِإِسْلَامِهَا مَقَاصِدُ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ إخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ مَجَّانًا لِلْإِضْرَارِ بِهِ وَجَبَ أَنْ تَعْتِقَ بِالسِّعَايَةِ.

(قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ) وَعَلِمْت أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَهُ (أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمُنْكِرِ نِصْفَ خِدْمَتِهَا ثَابِتٌ بِيَقِينٍ) لِأَنَّ الْمُقِرَّ إمَّا صَادِقٌ فَيَكُونُ جَمِيعُ خِدْمَتِهَا لَهُ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَهُوَ مُسْتَحَقٌّ خِدْمَتَهَا، أَوْ كَاذِبٌ فَلَهُ نِصْفُهَا وَالْآخَرُ لِلْمُقِرِّ فَاسْتِحْقَاقُهُ نِصْفَهَا مُتَيَقَّنٌ. وَأَمَّا الشَّرِيكُ الْمُقِرُّ فَلَا اسْتِخْدَامَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا اسْتِسْعَاءَ لِأَنَّهُ يُبَرِّئُهَا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ بِدَعْوَى الِاسْتِيلَادِ وَالضَّمَانِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ. وَقَوْلُهُمَا انْقَلَبَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ. قُلْنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِأُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ إقْرَارٌ بِالنَّسَبِ (وَهُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُقِرُّ كَالْمُسْتَوْلِدِ) بِنَفْسِهِ حُكْمًا، نَعَمْ يُوجِبُ ذَلِكَ أَنْ يُؤَاخَذَ بِإِقْرَارِهِ فَيَمْتَنِعُ اسْتِخْدَامُهُ وَاسْتِسْعَاؤُهُ وَقَدْ قُلْنَا بِذَلِكَ، وَلَا يَسْرِي قَوْلُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ فَيَبْقَى حَقُّهُ عَلَى مَا كَانَ وَعِتْقُ الْعَبْدِ عَلَيْهِ لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ هَذَا لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ لَا مِنْ الِانْقِلَابِ، وَحَاصِلُهُ مَنْعُ الِانْقِلَابِ. وَالْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَهُمَا) بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ (فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا) وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَتْ لِلسَّاكِتِ فِيهِ وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي تَقَوُّمِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَعِنْدَهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ، وَعِنْدَهُمَا مُتَقَوِّمَةٌ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ غَيْرِ أَبِي حَنِيفَةَ (وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُبْتَنَى عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>