للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا كَانَ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطًا عِنْدَهُ لَمْ تَتَحَقَّقْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى مِنْ الْمَجْهُولِ لَا تَتَحَقَّقُ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ. وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ وَإِنْ انْعَدَمَ الدَّعْوَى.

أَمَّا فِي الطَّلَاقِ فَعَدَمُ الدَّعْوَى لَا يُوجِبُ خَلَلًا فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهَا. وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى شَرْطًا فِيهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى لِمَا أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ فَشَابَهُ الطَّلَاقَ، وَالْعِتْقُ الْمُبْهَمُ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ عِنْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ.

مِنْ التَّأْكِيدِ بِحَيْثُ يَجِبُ أَنْ يَثْبُتَ بِلَا دَعْوَى، وَهُمَا يَقُولَانِ جَمِيعُ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ أَنْ تَثْبُتَ بِلَا دَعْوَى لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْخَصْمُ فِيهَا وَالْعَبْدُ الشَّاهِدُ نَائِبُهُ فَتُضَمَّنُ شَهَادَتُهُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فَإِنْ افْتَقَرَ ثُبُوتُهُ إلَى الدَّعْوَى فَقَدْ انْتَصَبَ النَّائِبُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى نَائِبًا عَنْهُ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، فَإِنَّ الْمُثْبِتَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ إلَّا الشَّهَادَةَ وَإِنَّمَا يَبْقَى فِيهِ مَا لَوْ أَنْكَرَ الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَلَا تُهْمَةَ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ التَّرْجِيحُ وَيَتَرَجَّحُ حَقُّهُ . وَلَا يُقَالُ: الْمُقَرَّرُ تَرَجُّحُ حَقِّ الْعَبْدِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ عِنْدَ التَّعَارُضِ بِأَنْ كَانَ ثُبُوتُ أَحَدِهِمَا يَنْتَفِي مَعَهُ الْآخَرُ وَهُنَا يَثْبُتُ حَقُّ الْعَبْدِ مَعَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ إذَا أَثْبَتْنَا حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى كَانَ إثْبَاتًا لِحَقِّ الْعَبْدِ سَابِقًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى رَغْمِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطًا عِنْدَهُ لَا تَتَحَقَّقُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ) أَيْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَهِيَ مَا إذَا شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ لِأَنَّهُ عِتْقُ الْمَجْهُولِ (وَالدَّعْوَى مِنْ الْمَجْهُولِ لَا تَتَحَقَّقُ) وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَتَنْتَفِي الْمُطَابَقَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ، وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ شَرْطًا مُطْلَقًا فَتُقْبَلُ وَيُجْبَرُ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ شُهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَ إحْدَى أَمَتَيْهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ عَلَى عِتْقِ إحْدَى أَمَتَيْهِ، وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَهُ. أَجَابَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يُشْتَرَطُ الدَّعْوَى فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحْرِيمِ فَرْجِهَا عَلَى مَوْلَاهَا وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى خَالِصًا (فَشَابَهُ الطَّلَاقَ) وَفِيهِ لَا يُشْتَرَطُ لِلشَّهَادَةِ بِهِ الدَّعْوَى لِذَلِكَ فَكَذَا هَذَا (وَالْعِتْقُ الْمُبْهَمُ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ عِنْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ) فَانْتَفَى الْمُسْقَطُ فِيهِ فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>