(وَمَنْ قَالَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَيْسَ لَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا ثُمَّ دَخَلَ عَتَقَ) لِأَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَئِذٍ تَقْدِيرُهُ يَوْمَ إذْ دَخَلْت، إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ الْفِعْلَ وَعَوَّضَهُ بِالتَّنْوِينِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيَامَ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عَبْدٌ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى دَخَلَ عَتَقَ لِمَا قُلْنَا.
قَالَ (وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ يَوْمَئِذٍ لَمْ يَعْتِقْ)
وَاعْلَمْ أَنَّ بَعْضَ مَنْ لَا يُجِيزُ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالْمِلْكِ قَبْلَ الْمِلْكِ أَجَازَهُ فِي الْعِتْقِ.
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ لِلْفَرْقِ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ وَعِنْدَنَا الْمُصَحِّحُ مُطَّرِدٌ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ فَهُوَ حُرٌّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا ثُمَّ دَخَلَ عَتَقَ) أَيْ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي اشْتَرَاهُ، وَلَمَّا كَانَ عِتْقُ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ لَا يَكُونُ بِكَلَامٍ قَبْلَ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إضَافَةً إلَى الْمِلْكِ قَرَّرَهُ لِيَرُدَّهُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّنْوِينَ فِي يَوْمَئِذٍ عِوَضٌ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمُضَافِ إلَيْهَا لَفْظُ إذْ تَقْدِيرُهُ إذْ دَخَلْت وَلَفْظُ يَوْمٍ ظَرْفٌ لِمَمْلُوكٍ فَكَانَ التَّقْدِيرُ كُلُّ مَنْ لَا يَكُونُ فِي مِلْكِي يَوْمَ الدُّخُولِ حُرٌّ وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ إضَافَةُ عِتْقِ الْمَمْلُوكِ يَوْمَ الدُّخُولِ إلَى يَوْمِ الدُّخُولِ، وَالْمَمْلُوكُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمِلْكٍ فَصَارَ.
كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت مَمْلُوكًا وَقْتَ الدُّخُولِ فَهُوَ حُرٌّ، وَهُوَ يُصَدَّقُ بِمِلْكٍ قَبْلَ الدُّخُولِ يُقَارِنُ بَقَاؤُهُ الدُّخُولَ فَكَانَ إضَافَةَ الْعِتْقِ إلَى الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ مَعْنًى، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: إنْ دَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ فَدَخَلَ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْعِتْقَ إلَى مِلْكِهِ لَا صَرِيحًا وَلَا مَعْنًى، وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى لَفْظِ وَقْتٍ عَنْ لَفْظِ يَوْمٍ فِي قَوْلِهِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيَامَ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ يَوْمٍ مُرَادُهُ بِهِ الْوَقْتُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ لَيْلًا عَتَقَ مَا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى لَفْظِ إذْ الْمُضَافَةِ لِلدُّخُولِ لَكِنَّ مَعْنَى إذْ غَيْرُ مُلَاحَظٍ وَإِلَّا كَانَ الْمُرَادُ يَوْمَ وَقْتِ الدُّخُولِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَلَى مَعْنَى يَوْمِ الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الدُّخُولُ تَقْيِيدًا لِلْيَوْمِ بِهِ، لَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقْتَ وَقْتِ الدُّخُولِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ مِثْلَهُ كَثِيرًا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْفَصِيحِ كَنَحْوِ ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ﴿بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ وَلَا يُلَاحَظُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُلَاحَظُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقْتَ وَقْتِ يَغْلِبُونَ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَا يَوْمَ وَقْتِ يَغْلِبُونَ يَفْرَحُونَ، وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ فَعُرِفَ أَنَّ لَفْظَ إذْ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا تَكْثِيرًا لِلْعِوَضِ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ عِمَادًا لَهُ: أَعْنِي التَّنْوِينَ لِكَوْنِهِ حَرْفًا وَاحِدًا سَاكِنًا تَحْسِينًا وَلَمْ يُلَاحَظْ مَعْنَاهَا، وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي أَقْوَالِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ عَبْدٌ حِينَ حَلَفَ فَبَقِيَ فِي مِلْكِهِ حَتَّى دَخَلَ عَتَقَ لِمَا قُلْنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِمَا بَيَّنَّا: أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ لَا وَقْتَ التَّكَلُّمِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ فِي يَمِينِهِ يَوْمَئِذٍ) بَلْ قَالَ إذَا دَخَلْت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute