فَعَلَى هَذَا يَدُورُ الْفِقْهُ وَتَخْرُجُ الْمَسَائِلُ نَظِيرُهُ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ.
وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْكُلَّ لِعَدَمِ الشَّرْطِ كَمَا إذَا حَطَّ الْبَعْضَ وَأَدَّى الْبَاقِيَ. ثُمَّ لَوْ أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَعَتَقَ لِاسْتِحْقَاقِهَا، وَلَوْ كَانَ اكْتَسَبَهَا بَعْدَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ مِنْ جِهَتِهِ بِالْأَدَاءِ مِنْهُ،
ضَرُورِيَّاتِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ تَقْدِيمُ مِلْكِ الْعَبْدِ لِمَا أَدَّاهُ وَإِنْزَالُهُ قَابِضًا إذَا أَتَاهُ بِهِ، وَفِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ الْمُعْتَبَرُ جِهَةُ التَّعْلِيقِ فَكَثُرَتْ آثَارُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُعَاوَضَةِ فَلِهَذَا خَالَفَ الْمُعَاوَضَةَ الَّتِي هِيَ الْكِتَابَةُ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ. الْأُولَى: مَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَتَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِلْمَوْلَى وَلَا يُؤَدِّي مِنْهُ عَنْهُ وَيَعْتِقُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى وَفِي يَدِ الْعَبْدِ كَسْبٌ كَانَ لِوِرْثِهِ الْمَوْلَى وَيُبَاعُ الْعَبْدُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ. الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ ثُمَّ أَدَّتْ فَعَتَقَتْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْكِتَابَةِ وَقْتَ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ. الرَّابِعَةُ: لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِلْمَوْلَى حُطَّ عَنِّي مِائَةً فَحَطَّ الْمَوْلَى عَنْهُ مِائَةً وَأَدَّى تِسْعَمِائَةٍ لَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ. وَالْخَامِسَةُ: لَوْ أَبْرَأَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ عَنْ الْأَلْفِ لَمْ يَعْتِقْ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ كَذَا ذَكَرُوهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَوْقِعَ لَهَا إذْ الْفَرْقُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِبْرَاءِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَكُونُ وَالْإِبْرَاءُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَى الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ.
السَّادِسَةُ: لَوْ بَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِخِيَارِ عَيْبٍ فَفِي وُجُوبِ قَبُولِ مَا يَأْتِي بِهِ خِلَافٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، نَعَمْ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا، وَلَكِنْ لَوْ قَبَضَهُ عَتَقَ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَقْبَلَهُ، وَيُعَدُّ قَابِضًا. وَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنَّ وُجُوبَ الْقَبُولِ وَإِنْزَالَهُ قَابِضًا كَانَ مِنْ حُكْمِ الْكِتَابَةِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِالْبَيْعِ فَلَا يَجِبُ الْقَبُولُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ قَبَلَهُ عَتَقَ بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ لَا يَبْطُلُ بِالْخُرُوجِ عَنْ الْمِلْكِ؛ لِمَا عُرِفَ فِي الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ عِنْدِي أَوْجُهٌ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ الَّتِي تُطِلُّ بِالْبَيْعِ الَّتِي هِيَ الْقَائِمَةُ عِنْدَهُ. وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ إنْزَالَهُ مُكَاتَبًا إنَّمَا هُوَ فِي الِانْتِهَاءِ، وَهُوَ مَا عِنْدَ أَدَائِهِ فَلَا يَنْزِلُ مُكَاتَبًا قَبْلَهُ بَلْ الثَّابِتُ قَبْلَهُ لَيْسَ إلَّا أَحْكَامُ التَّعْلِيقِ وَالْبَيْعُ كَانَ قَبْلَهُ وَلَا كِتَابَةَ حِينَئِذٍ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا فَتَبْطُلُ، وَقَدْ فُرِضَ بَقَاءُ هَذِهِ الْيَمِينِ وَاعْتِبَارُ صِحَّتِهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَيَجِبُ ثُبُوتُ أَحْكَامِهَا، وَمِنْهَا وُجُوبُ الْقَبُولِ إذَا أَتَى بِالْمَالِ. السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَلَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُؤَدِّ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، فَلَوْ اُخْتُلِفَ بِأَنْ أَعْرَضَ أَوْ أَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ فَأَدَّى لَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَذْكُورُ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَفْظَةَ إنْ، فَإِنْ كَانَ لَفْظَةُ مَتَى أَوْ إذَا فَلَا يُقْتَصَرُ عَلَى الْمَجْلِسِ. الثَّامِنَةُ: أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَوْلَى بَيْعُ الْعَبْدِ بَعْدَ قَوْلِهِ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ.
التَّاسِعَةُ: أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مَا يَظْفَرُ بِهِ مِمَّا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمَا يُؤَدِّيهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ. الْعَاشِرَةُ: أَنَّهُ إذَا أَدَّى وَعَتَقَ وَفَضَلَ عِنْدَهُ مَالٌ مِمَّا اكْتَسَبَهُ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَيَأْخُذُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ. الْحَادِيَةَ عَشَرَ لَوْ اكْتَسَبَ الْعَبْدُ مَالًا قَبْلَ تَعْلِيقِ السَّيِّدِ فَأَدَّاهُ بَعْدَهُ إلَيْهِ عَتَقَ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ عَلَى مَا سَيَذْكُرُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا يَعْتِقُ بِأَدَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يَكُونَ كَاتَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ بِهِ أَحَقَّ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِذَا أَدَّى مِنْهُ عَتَقَ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَوْلِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ)؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ أَدَاءُ الْكُلِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute