ثُمَّ الْأَدَاءُ فِي قَوْلِهِ إنْ أَدَّيْت يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ تَخْيِيرٌ، وَفِي قَوْلِهِ إذَا أَدَّيْت لَا يَقْتَصِرُ؛ لِأَنَّ إذَا تُسْتَعْمَلُ لِلْوَقْتِ
وَلَمْ يُوجَدْ كَمَا لَوْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ وَأَدَّى الْبَاقِيَ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسَائِلِ؛ لِعَدَمِ الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، فَكَمَا يَجِبُ قَبُولُ الْكُلِّ يَجِبُ قَبُولُ بَعْضِهِ، وَلَا خَفَاءَ فِي وُرُودِ مَنْعِ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ قَبُولِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ بِهِ يَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ حَقُّ الْعَبْدِ، وَلَيْسَ أَدَاءُ الْبَعْضِ كَذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَبُولُهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُحَقِّقٌ لِلْكُلِّ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَعْضُهُ فَلِذَا كَانَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْإِيضَاحِ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ كَمَا ذَكَرْنَا، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ قَبُولِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَالِاسْتِحْسَانُ هُوَ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى الْقَبُولِ كَالْمُكَاتَبِ، وَالْأَوْجُهُ وَهُوَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ وُجُوبَ قَبُولِهِ الْبَعْضَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْكُلِّ دَفْعَةً، وَمَا تَحَمَّلَ مَشَقَّةَ الِاكْتِسَابِ إلَّا لِذَلِكَ الْغَرَضِ، فَلَوْ وَقَفْنَاهُ عَلَى تَحْصِيلِ الْكُلِّ ذَهَبَ تَحَمُّلُهُ كَدَّ سَعْيِهِ خَالِيًا عَنْ غَرَضِهِ.
وَمِمَّا تَقَدَّمَ يُعْلَمُ أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ خَطَفَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِهِ جَازَ وَلَا يُحْتَسَبُ لَهُ بِهِ مِنْ أَدَاءِ الْمَشْرُوطِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَوْ أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا قَبْلَ التَّعْلِيقِ يَعْتِقُ وَيَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ) بِمِثْلِهَا، أَمَّا الْعِتْقُ فَلِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَدَاءُ الْأَلْفِ حَتَّى يَعْتِقَ لَوْ كَانَتْ أَلْفًا مَغْصُوبَةً، إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ الْمَغْصُوبَةِ، وَأَمَّا رُجُوعُ الْمَوْلَى بِمِثْلِهَا فَلِاسْتِحْقَاقِهِ إيَّاهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِاسْتِحْقَاقِهَا إضَافَةً لِلْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلرُّجُوعِ وَهَذَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَالْعَبْدُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ يَمْلِكُ مَا اكْتَسَبَهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَيَصِيرُ عِنْدَهُ كَالْمُكَاتَبِ لَكِنَّ ذَلِكَ فِيمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَهَذَا يُوجِبُهُ النَّظَرُ فِي الْغَرَضِ، وَهُوَ أَنْ يُعْتِقَهُ بِأَدَاءِ أَلْفٍ يَحْدُثُ حُصُولُهَا لَهُ فَيَمْلِكُ مَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ، وَتِلْكَ الْأَلْفُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَوْلَى. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَدَاءُ فِي قَوْلِهِ إنْ أَدَّيْت يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ) فَلَوْ اخْتَلَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute