للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَنْزِلَةِ مَتَى.

(وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ) لِإِضَافَةِ الْإِيجَابِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ حَيْثُ يَكُونُ

الْمَجْلِسُ بِأَنْ قَامَ الْعَبْدُ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَخَذَ فِي عَمَلٍ آخَرَ ثُمَّ أَدَّى لَا يَعْتِقُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ تَخْيِيرٌ مَحْضٌ، إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ إنْ لِلشَّرْطِ فَقَطْ، بِخِلَافِ إذَا وَمَتَى لِدَلَالَتِهِمَا عَلَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ فَفِي أَيِّ وَقْتٍ أَدَّى عَتَقَ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ بِمَنْزِلَةِ إذَا وَمَتَى. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ إنْ لَمْ تَدُلَّ عَلَى الْوَقْتِ صَارَ الْمُعَلَّقُ بِهِ الْأَدَاءَ فِي مُطْلَقِ الْوَقْتِ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ كَالْأَمْرِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْوَقْتِ يَتَخَيَّرُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْوَقْتِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ مُقْتَضًى لِلْفِعْلِ وَوَقْتُ مَجْلِسِ الْإِيجَابِ حَاضِرٌ مُتَيَقَّنٌ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ ضَرُورَةَ الْفِعْلِ أَنَّ تَحْقِيقَ الْفِعْلِ بِدُونِهِ لَا يُمْكِنُ فَلَا يَثْبُتُ مَدْلُولًا أَصْلًا فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْفِعْلِ وَقْتَ وُجُودِهِ أَيْ وَقْتَ وُجِدَ. لَا يُقَالُ: بِالْأَدَاءِ يَخْتَلِفُ الْمَجْلِسُ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعِتْقُ بِالْأَدَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِقْدَارُ الْحِنْثِ كَمَا يُسْتَثْنَى مِقْدَارُ الْبِرِّ فِي حَلِفِهِ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ حَتَّى لَمْ يَحْنَثْ بِقَدْرِ شُغْلِهِ بِنَزْعِهِ فَلَا يَتَبَدَّلُ الْمَجْلِسُ بِالْأَدَاءِ.

[فَرْعٌ]. قَالَ إنْ أَدَّيْتُمَا إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لَنْ يَعْتِقَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ أَدَاؤُهُمَا جَمِيعَ الْمَالِ، وَجُمْلَةُ الشَّرْطِ تُقَابِلُ جُمْلَةَ الْمَشْرُوطِ مِنْ غَيْرِ انْقِسَامِ الْأَجْزَاءِ عَلَى الْأَجْزَاءِ، وَإِنَّمَا الِانْقِسَامُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَلِذَا لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْأَلْفِ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ، لِأَنَّ الشَّرْطَ أَدَاؤُهُمَا فَلَا يَتِمُّ بِأَحَدِهِمَا، فَإِنْ قَالَ الْمُؤَدِّي خَمْسُمِائَةٍ مِنْ عِنْدِي وَخَمْسُمِائَةٍ بَعَثَ بِهَا صَاحِبِي لِأُؤَدِّيَهَا إلَيْك عِتْقًا؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الرَّسُولِ كَأَدَاءِ الْمُرْسِلِ فَتَمَّ الشَّرْطُ وَهُوَ أَدَاؤُهُمَا، وَلَوْ أَدَّى عَنْهُمَا أَجْنَبِيٌّ لَا يَعْتِقَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَدَاءَهُمَا وَلَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، وَلِلْمُؤَدِّي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَدَّى لِيَعْتِقَا وَلَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ، فَإِنْ قَالَ أُؤَدِّيهَا إلَيْك عَلَى أَنَّهُمَا حُرَّانِ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْتِقَهُمَا فَقَبِلَ عَلَى ذَلِكَ عِتْقًا وَيَرْجِعُ الْمُؤَدِّي بِالْمَالِ عَلَى السَّيِّدِ. أَمَّا الْمُعْتَقُ فَلِأَنَّ قَبُولَ الْمَوْلَى عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ مِنْهُ لَهُمَا، وَأَمَّا حَقُّ الرُّجُوعِ فَلِأَنَّ عِوَضَ الْعِتْقِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ قَالَ هُمَا أَمَرَانِي أَنْ أُؤَدِّيَهَا إلَيْك فَقَبِلَهَا عَتَقَا؛ لِأَنَّهُ رَسُولٌ عَنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى أَلْفٍ فَالْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِإِضَافَةِ الْإِيجَابِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا بِأَلْفٍ) فَإِنَّ الْقَبُولَ مَحَلُّهُ الْغَدُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ جَوَابَ الْإِيجَابِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَهُوَ الْقَبُولُ إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>